بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَكَتَبۡنَا لَهُۥ فِي ٱلۡأَلۡوَاحِ مِن كُلِّ شَيۡءٖ مَّوۡعِظَةٗ وَتَفۡصِيلٗا لِّكُلِّ شَيۡءٖ فَخُذۡهَا بِقُوَّةٖ وَأۡمُرۡ قَوۡمَكَ يَأۡخُذُواْ بِأَحۡسَنِهَاۚ سَأُوْرِيكُمۡ دَارَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (145)

قوله تعالى :

{ وَكَتَبْنَا لَهُ في الألواح } روي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : أعطى الله تعالى موسى التوراة في سبعة ألواح من زبرجد فيها تبيان لكل شيء وموعظة . قال : التوراة مكتوبة . ويقال : طول الألواح عشرة أذرع { مِن كُلّ شَيْء مَّوْعِظَةً } من الجهل { وَتَفْصِيلاً لّكُلّ شَيْء } يعني : تبياناً لكل شيء من الحلال والحرام . قال الفقيه رحمه الله تعالى : حدثنا الفقيه أبو جعفر قال : حدثنا إسحاق بن عبد الرحمن القاري قال : حدثنا أبو بكر بن أبي العوام . قال : حدثنا أبي قال : حدثنا يحيى بن سابق عن خيثمة بن خليفة عن ربيعة عن أبي جعفر عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « كَانَ فِيمَا أَعْطَى الله مُوسَى فِي الأَلْوَاحِ عَشَرَة أبْوَابٍ : يا مُوسَى لا تُشْرِكْ بي شَيْئاً ، فَقَدْ حَقَّ القَوْلُ مِنِّي لَتَلْفَحَنَّ وُجُوهَ المُشْرِكِينَ النَّارُ ، وَاشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ، أَقِكَ المَتَالِفَ ، وَأُنسِىءُ لَكَ فِي عُمُرِكَ ، وَأُحْيِيكَ حَيَاةً طَيِّبَةً ، وَأَقْلِبُكَ إلَى خَيْرِ مِنْهَا ، وَلا تَقْتُلِ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمْتُهَا إلاَّ بالحَقِّ ، فَتَضِيقَ عَلَيْكَ الأرْضِ بِرُحْبِهَا ، وَالسَّمَاءُ بِأَقْطَارِهَا ، وَتَبُوءَ بِسَخْطِي وَنَاري ، وَلا تَحْلِفْ بِاسْمِي كَاذِباً فَإنِّي لا أُطَهِّرُ ولا أُزَكِّي مَنْ لَمْ يُنَزِّهْنِي ، وَلَمْ يُعَظِّمْ أَسْمَائِي ، وَلا تَحْسُدِ النَّاسَ عَلَى ما آتاهُمُ الله مِنْ فَضْلِهِ ، فَإنَّ الحَاسِدَ عَدُوٌّ لِنِعْمَتِي ، رَادٌّ لِقَضَائِي ، سَاخِطٌ لِقِسْمَتِي ، الَّتي أَقْسِمُ بَيْنَ عِبَادِي ، ولا تَشْهَدْ بِمَا لِمَ يَقَعْ بِسَمْعِكَ ، وَيَحْفَظْ قَلْبُكَ ، فَإنِّي لوَاقِفٌ أَهْلَ الشَّهَادَاتِ عَلَى شَهَادَاتِهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ ، ثُمَّ أَسَأَلَهُمْ عَنْهَا سُؤَالاً حَثِيثاً ، وَلاَ تَزْنِ ، وَلاَ تَسْرِقْ ، فَأَحْجُبَ عَنْكَ وَجْهِي ، وَأُغْلِقَ عَنْكَ أَبْوَابَ السَّمَاءِ ، وَأَحْبِبْ لِلنَّاسِ ما تُحِبُّ لِنَفْسِكَ . ولا تُذَكِّ لِغَيْرِي ، فَإنِّي لا أقْبَلُ مِنَ القُربَانِ إلاَّ ما ذُكِرَ علَيْهِ اسْمِي ، وَكَانَ خَالِصاً لِوَجْهِي ، وَتَفَرَّغْ لِي يَوْمَ السَّبْتِ وَجَمِيعُ أهْلِ بَيْتِكَ » فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « جُعِلَ يَوْمُ السَّبْتِ لِمُوسَى عِيداً وَاخْتَارَ لَنَا يَوْمَ الجُمُعَةِ فَجَعَلَها لنا عِيداً »

قوله تعالى : { فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ } يعني : اعمل بما أمرك الله بجد ومواظبة عليها { وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا } أي يعملون بما فيها من الحلال والحرام . ويقال : أمرهم بالخير وانههم عن الشر : يعني : اعملوا بالخير وامتنعوا عن الشر . ويقال : اعملوا بأحسن الوجوه وهو أنه لو يكافىء ظالمه وينتقم منه جاز ، ولو تجاوز كان أحسن وقال الكلبي : كان موسى عليه السلام أشد عبادةً من قومه . فأمر بما لم يؤمروا به . يعني : أمر بأن يعمل بالمواظبة ، وأمر قومه بأن يأخذوا بأحسن الفعل .

ثم قال : { سَأُْرِيكُمْ دَارَ الفاسقين } قال مقاتل : يعني : سنة أهل مصر يعني : هلاكهم حين قذفهم البحر فأراهم سنة الفاسقين في التقديم .

ويقال : جهنم هي دارُ الكافرين . ويقال : إذا سافروا أراهم منازل عاد وثمود . وقال مجاهد : مصيرهم في الآخر إلى النار .