الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَكَتَبۡنَا لَهُۥ فِي ٱلۡأَلۡوَاحِ مِن كُلِّ شَيۡءٖ مَّوۡعِظَةٗ وَتَفۡصِيلٗا لِّكُلِّ شَيۡءٖ فَخُذۡهَا بِقُوَّةٖ وَأۡمُرۡ قَوۡمَكَ يَأۡخُذُواْ بِأَحۡسَنِهَاۚ سَأُوْرِيكُمۡ دَارَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (145)

قوله تعالى { وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلاً لكل شيء } .

أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : كتبت التوراة بأقلام من ذهب .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن علي بن أبي طالب قال : كتب الله الألواح لموسى وهو يسمع صريف الأقلام في الألواح .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « الألواح التي أنزلت على موسى كانت من سدر الجنة ، كان طول اللوح اثني عشر ذراعاً » .

وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج قال : أخبرت أن الألواح من زبرجد ومن زمرد الجنة ، أمر الرب تعالى جبريل فجاء بها من عدن ، وكتبها بيده بالقلم الذي كتب به الذكر ، واستمد الرب من نهر النور وكتب به الألواح .

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : كانوا يقولون : كانت الألواح من ياقوتة ، وأنا أقول : إنما كانت من زبرجد وكتابها الذهب ، كتبها الله بيده فسمع أهل السماوات صريف القلم .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي العالية قال : كانت ألواح موسى من برد .

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : كانت الألواح من زمرد أخضر ، أمر الرب تعالى جبريل فجاء بها من عدن ، فكتب الرب بيده بالقلم الذي كتب به الذكر ، واستمد الرب من نهر النور وكتب به الألواح .

وأخرج أبو الشيخ عن عطاء قال : كتب الله التوراة لموسى بيده وهو مسند ظهره إلى الصخرة يسمع صريف القلم ، في ألواح من زمرد ليس بينه وبينه إلا الحجاب .

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : إن الله لم يمس شيئاً إلا ثلاثة : خلق آدم بيده ، وغرس الجنة بيده ، وكتب التوراة بيده .

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن حكيم بن جابر قال : أخبرت أن الله تبارك وتعالى لم يمس من خلقه بيده شيئاً إلا ثلاثة : غرس الجنة بيده وجعل ترابها الورس والزعفران وجبالها المسك ، وخلق آدم بيده ، وكتب التوراة لموسى بيده .

وأخرج عبد بن حميد عن وردان بن خالد قال خلق الله آدم بيده ، وخلق جبريل بيده ، وخلق القلم بيده ، وخلق عرشه بيده ، وكتب الكتاب الذي عنده لا يطلع عليه غيره بيده ، وكتب التوراة بيده .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : أعطيَ موسى التوراة في سبعة ألواح من زبرجد ، فيها تبيان لكل شيء وموعظة ، فلما جاء بها فرأى بن إسرائيل عكوفاً على عبادة العجل ، رمى بالتوراة من يده فتحطمت ، فرفع الله منها ستة أسباع وبقي سبع .

وأخرج عبد بن حميد عن مغيث الشامي قال : بلغني أن الله تعالى لم يخلق بيده إلا ثلاثة أشياء : الجنة غرسها بيده ، وآدم خلقه بيده ، والتوراة كتبها بيده .

وأخرج الطبراني في السنة عن ابن عمر قال : خلق الله آدم بيده ، وخلق جنة عدن بيده ، وكتب التوراة بيده ، ثم قال لسائر الأشياء : كن فكان .

وأخرج أبو الشيخ عن السدي { وكتبنا له في الألواح من كل شيء } أمروا به ونهوا عنه .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلاً لكل شيء } قال : مما أمروا به ونهوا عنه .

وأخرج الحاكم في المستدرك وصححه وضعفه الذهبي عن ابن عباس قال : إن الله يقول في كتابه لموسى { إني اصطفيتك على الناس } [ الأعراف : 144 ] . { وكتبنا له في الألواح من كل شيء } قال : فكان يرى أن جميع الأشياء قد أثبتت له كما ترون أنتم علماءكم ، فلما انتهى إلى ساحل البحر لقي العالم فاستنطقه ، فأقر له بفضل علمه ولم يحسده الحديث .

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس . أن موسى لما كربه الموت قال : هذا من أجل آدم قد كان الله جعلنا في دار مثوى لا نموت فخطا آدم أنزلنا هنا . فقال الله لموسى : ابعث إليك آدم فتخاصمه ؟ قال : نعم . فلما بعث الله آدم سأله موسى فقال : لولا أنت لم نكن ههنا . فقال له آدم : قد أتاك الله من كل شيء موعظة وتفصيلاً أفلست تعلم أنه { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها } [ الحديد : 22 ] قال : موسى بلى فخصمه آدم .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان الله عز وجل كتب في الألواح ذكر محمد صلى الله عليه وسلم ، وذكر أمته وما ذخر لهم عنده ، وما يسر عليهم في دينهم وما وسع عليهم فيما أحل لهم .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران قال : فيما كتب الله لموسى في الألواح : يا موسى لا تحلف بي كاذباً فإني لا أزكي عمل من حلف بي كاذباً .

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب بن منبه في قوله { وكتبنا له في الألواح من كل شيء } قال : كتب له اعبدني ولا تشرك بي شيئاً من أهل السماء ولا من أهل الأرض فإن كل ذلك خلقي ، فإذا أشرك بي غضبت ، وإذا غضبت لعنت ، وإن لعنتي تدرك الرابع من الولد ، وإني إذا أطعت رضيت ، وإذا رضيت باركت والبركة مني تدرك الأمة بعد الأمة ، ولا تحلف باسمي كاذباً فإني لا أزكي من حلف باسمي كاذباً ، ووقر والديك فإنه من وقر والديه مددت له عمره ووهبت له ولداً يبره ، ومن عق والديه قصرت له في عمره ووهب له ولداً يعقه ، واحفظ السبت فإنه آخر يوم فرغت فيه من خلقي ، ولا تزن ، ولا تسرق ، ولا تولّ وجهك عن عدوي ، ولا تزن بامرأة جارك الذي يأمنك ، ولا تغلب جارك على ماله ، ولا تخلفه على امرأته .

وأخرج أبو الشيخ والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي حرزة القاص ، أن العشر الآيات التي كتب الله تعالى لموسى في الألواح : أن اعبدني ولا تشرك بي شيئاً ، ولا تحلف باسمي كاذباً فإني لا أزكي ولا أطهر من حلف باسمي كاذباً ، واشكر لي ولوالديك أنسألك في أجلك وأقيك المتالف ، ولا تسرق ولا تزن فأحجب عنك نور وجهي ، وتغلق عن دعائك أبواب سماواتي ، ولا تغدر بحليل جارك ، وأحب للناس ما تحب لنفسك ، ولا تشهد بما لم يعِ سمعك ويفقه قلبك ، فإني واقف أهل الشهادات على شهادتهم يوم القيامة ثم سائلهم عنها ، ولا تذبح لغيري لا يَصعد إلى من قربان أهل الأرض إلا ما ذكر عليه اسمي .

وأخرج البيهقي عن عطاء قال : بلغني أن فيما أنزل الله على موسى عليه السلام : لا تجالسوا أهل الأهواء فيحدثوا في قلبك ما لم يكن .

وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية وابن لال في مكارم الأخلاق عن جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول « كان فيما أعطى الله موسى في الألواح الأول في أول ما كتب عشرة أبواب : يا موسى لا تشرك بي شيئاً فقد حق القول مني لتلفحن وجوه المشركين النار ، واشكر لي ولوالديك أقك المتالف وأنسأ في عمرك وأحييك حياة طيبة وأقلبك إلى خير منها ، ولا تقتل النفس التي حرمت إلا بالحق فتضيق عليك الأرض برحبها والسماء بأقطارها وتبوء بسخطي والنار ، ولا تحلف باسمي كذباً ولا آثماً فإني لا أطهر ولا أركي من لم ينزهني ويعظم أسمائي ، ولا تحسد الناس على ما أعطيتهم من فضيلي ، ولا تنفس عليهم نعمتي ورزقي فإن الحاسد عدو نعمتي راد لقضائي ساخط لقسمتي التي أقسم بين عبادي ، ومن لم يكن كذلك فلست منه وليس مني ، ولا تشهد بما لم يع سمعك ويحفظ عقلك وتعقد عليه قلبك ، فإني واقف أهل الشهادات على شهادتهم يوم القيامة ثم سائلهم عنها سؤلاً حثيثاً ، ولا تزن ، ولا تسرق ، ولا تزن بحليلة جارك فأحجب عنك وجهي ، وتغلق عنك أبواب السماء ، وأحبب للناس ما تحب لنفسك ، ولا تذبحن لغيري فإني لا أقبل من القربان إلا ما ذكر عليه اسمي وكان لخالصاً لوجهي ، وتفرغ لي يوم السبت وفرغ لي نفسك وجميع أهل بيتك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله جعل السبت لموسى عيداً ، واختار لنا الجمعة فجعلها لنا عيداً » .

وأخرج أبو الشيخ عن ميمون بن مهران قال : مما كتب الله لموسى في الألواح لا تتمن مال أخيك ولا امرأة أخيك .

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن وهب بن منبه قال : مكتوب في التوراة : شوّقناكم فلم تشتافوا ، ونُحْنَا لكم فلم تبكوا ، ألا وان لله ملكاً ينادي في السماء كل ليلة : بشر القتَّالين بأن لهم عند الله سيفاً لا ينام وهو نار جهنم ، أبناء الأربعين رزع قددنا حصاده ، أبناء الخمسين هلموا إلى الحساب لا عذر لكم ، أبناء الستين ماذا قدمتم وماذا أخرتم ، أبناء السبعين ما تنتظرون ألا ليت الخلق لم يخلقوا فإذا خلقوا علموا لما خلقوا ، ألا أتتكم الساعة فخذوا حذركم .

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال : قال موسى : رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون السابقون يوم القيامة ، الآخرون في الخلق والسابقون في دخول الجنة فاجعلهم أمتي : قال : تلك أمة أحمد . قال : رب أني أجد في الألواح أمة خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله فاجعلهم أمتي . قال : تلك أمة أحمد . قال : رب إني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول والكتاب الآخر ويقاتلون فضول الضلالة حتى يقاتلوا الأعور والكذاب فاجعلهم أمتي . قال : تلك أمة أحمد . قال : رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في قلوبهم يقرأونها قال قتادة : وكان من قبلكم إنما يقرأون كتابهم نظراً ، فإذا رفعوها لم يحفظوا منها شيئاً ولم يعوه ، وإن الله أعطاكم أيتها الأمة من الحفظ شيئاً لم يعطه أحداً من الأمم قبلكم ، فالله خصكم بها وكرامة أكرمكم بها قال : فاجعلهم أمتي . قال : تلك أمة أحمد .

قال : رب إني أجد في الألواح أمة صدقاتهم يأكلونها في بطونهم ويؤجرون عليها قال قتادة : وكان من قبلكم إذا تصدق بصدقة فقبلت منه بعث الله عليها ناراً فأكلتها وإن ردت تركت فأكلتها السباع والطير ، وإن الله أخذ صدقاتكم من غنيكم لفقيركم رحمة رحمكم بها وتخفيفاً خفف به عنكم فاجعلهم أمتي . قال : تلك أمة أحمد . قال : رب أني أجد في الألواح أمة إذا همَّ أحد بحسنة ثم لم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف فاجعلهم أمتي . قالت تلك أمة أحمد . قال : رب إني أجد في الألواح أمة إذا همَّ أحدهم بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها فإن عملها كتبت سيئة واحدة فاجعلهم أمتي . قال تلك أمة أحمد . قال : رب إني أجد في الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم فاجعلهم أمتي . قال تلك أمة أحمد . قال قتادة : فذكر لنا أن نبي الله موسى نبذ الألواح وقال : اللهم إذاً فاجعلني من أمة أحمد . قال فأعطى اثنتين لم يعطهما { قال : يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي } [ الأعراف : 144 ] قال : فرضي نبي الله ، ثم أعطى الثانية { ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون } [ الأعراف : 159 ] قال : فرضي نبي الله موسى كل الرضا .

وأخرج أبو الشيخ عن قتادة قال موسى : يا رب أجد في الألواح أمة خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فاجعلهم أمتي . قال تلك أمة أحمد . قال : رب أجد في الألواح أمة إذا همَّ بالحسنة كتبت له حسنة وإذا عملها كتبت له عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف فاجعلهم أمتي . قال : تلك أمة أحمد . قال : رب أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بالسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه وإذا عملها كتبت سيئة واحدة فاجعلهم أمتي . قال : تلك أمة أحمد . قال : رب أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم فاجعلهم أمتي . قال : تلك أمة أحمد . قال : رب أجد في الألواح أمة هم المشفعون والمشفع لهم فاجعلهم أمتي . قال : تلك أمة أحمد . قال رب أجد في الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم يوم القيامة فاجعلهم أمتي . قالت تلك أمة أحمد . قال : رب أجد في الألواح أمة ينصرون على من ناوأهم حتى يقاتلوا الأعور الدجال فاجعلهم أمتي . قال : تلك أمة أحمد . قال : فانتبذ الألواح من يده وقال : رب فاجعلني من أمة أحمد . فأنزل الله { ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون } [ الأعراف : 159 ] فرضي نبي الله موسى عليه السلام .

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : فيما ناجى موسى ربه فيما وهب الله لمحمد وأمته حيث قرأ التوراة وأصاب فيها نعت النبي وأمته قال : يا رب من هذا النبي الذي جعلته وأمته أولاً وآخراً ؟ قال : هذا محمد النبي الأمي العربي الحرمي التهامي من ولد قاذر بن إسماعيل ، جعلته أوّلاً في المحشر ، وجعلته آخراً ختمت به الرسل ، يا موسى ختمت بشريعته الشرائع ، وبكتابه الكتب ، وبسنته السنن ، وبدينه الأديان .

قال : يا رب إنك اصطفيتني وكلمتني ؟ قال : يا موسى إنك صفيّ وهو حبيبي أبعثه يوم القيامة على كوم أجعل حوضه أعرض الحياض وأكثرهم وارداً وأكثرهم تبعاً قال : رب لقد كرمته وشرفته . قال : يا موسى حق لي أن أكرمه وأفضله وأفضل أمته ، لأنهم يؤمنون بي وبرسلي كلهم وكلمتي كلها وبغيبي كله ما كان فيهم شاهداً يعني النبي صلى لله عليه وسلم ومن بعد موته إلى يوم القيامة . قال : يا رب هذا نعتهم ؟ قال : نعم . قال : يا رب وهبت لهم الجمعة أو لأمتي ؟ قال : بل لهم الجمعة دون أمتك . قال : يا رب إني نظرت في التوراة إلى نعت قوم غير محجلين فمن هم ، أمن بني إسرائيل هم أمن من غيرهم ؟ قال : تلك أمة أحمد الغر المحجلون من آثار الوضوء . قال : يا رب إني وجدت في التوراة قوماً يمرون على الصراط كالبرق والريح فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني وجدت في التوراة قوماً يصلون الصلوات الخمس فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني وجدت في التوراة قوماً يتزرون إلى أنصافهم فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني وجدت قوماً يراعون الشمس مناديهم في جوّ السماء فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال : رب إني وجدت في التوراة قوماً الحسنة منهم بعشرة والسيئة بواحدة فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم شاهرين سيوفهم لا ترد لهم حاجة ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني وجدت في التوراة قوماً إذا أرادوا أمراً استخاروك ثم ركبوه فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني أجد في التوراة نعت قوم يشفع محسنهم في مسيئهم فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يحجون البيت الحرام لا ينأون عنه أبداً لا يقضون منه وطراً أبدا فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد .

قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم قربانهم دماؤهم فمن هم ؟ قال تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يقاتلون في سبيلك صفوفاً زحوفاً يفرغ عليهم الصبر إفراغا فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يذنب أحدهم الذنب فيتوضأ فيغفر له ، ويصلي فتجعل الصلاة له نافلة بلا ذنب فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد .

قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يشهدون لرسلك بما بلغوا فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يجعلون الصدقة في بطونهم فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم الغنائم لهم حلال وهي محرمة على الأمم فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم جعلت الأرض لهم طهوراً ومسجداً فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني وجدت نعت قوم الرجل منهم خير من ثلاثين ممن كان قبلهم فمن هم ؟ تلك أمة أحمد يا موسى الرجل من الأمم السالفة أعبد من الرجل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بثلاثين ضعفاً ، وهم خير منه بثلاثين ضعفاً بإيمانه بالكتب كلها .

قال : يا رب إني وجدت نعت قوم يأوون إلى ذكرك ويتحابون عليه كما تأوي النسور إلى وكورها فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت إذا غضبوا هللوك وإذا تنازعوا سبحوك فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يغضبون لك كما يغضب النمر الحرب لنفسه فمن هم ؟ قال : تلك أحمد . قال يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم تفتح أبواب السماء لأعمالهم وأرواحهم وتباشر بهم الملائكة فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم تتباشر بهم الأشجار والجبال بممرهم عليها لتسبيحهم لك وتقديسهم لك فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم وهبت لهم الاسترجاع عند المصيبة ، ووهب لهم عند المصيبة الصلاة والرحمة والهدى فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم تصلي عليهم أنت وملائكتك فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يدخل محسنهم الجنة بغير حساب ، ومقتصدهم يحاسب حساباً يسيراً ، وظالمهم يغفر له فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب فاجعلني منهم . قال : يا موسى أنت منهم وهم منك لأنك على ديني وهم على ديني ، ولكن قد فضلتك برسالاتي وبكلامي فكن من الشاكرين .

قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يبعثون يوم القيامة قد ملأت صفوفهم ما بين المشرق والمغرب صفوفاً يهوّن عليهم الموقف لا يدرك فضلهم أحد من الأمم فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم تقبضهم على فرشهم وهم شهداء عندك فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم لا يخافون فيك لومة لائم فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد .

قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم صديقهم أفضل الصديقين فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب لقد كرمته وفضلتهُ . قال : يا موسى هو كذلك نبي وصفي وحبيبي وأمته خير أمة .

قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم محرمة على الأمم الجنة إن يدخلوها حتى يدخلها نبيهم وأمته فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب لبني إسرائيل ما بالهم ؟ قال : يا موسى إن قومك من بني إسرائيل يبدلون دينك من بعدك ، ويغيرون كتابك الذي أنزلت عليك ، وأن أمة محمد لا يغيرون سنته ولا يبطلون الكتاب الذي أنزلت عليه إلى أن تقوم الساعة ، فلذلك بلغتهم سنام كرامتي ، وفضلتهم على الأمم ، وجعلت نبيهم أفضل الأنبياء . أولهم في الحشر ، وأوّلهم في انشقاق الأرض ، وأولهم شافعاً ، وأوّلهم مشفعاً .

قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم حلماء علماء كادوا أن يبلغوا بفقههم حتى يكونوا أنبياء فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال : يا موسى أعطوا العلم الأول والآخر . قال : يا رب إني وجدت في التوراة قوماً توضع المائدة بين أيديهم فما يرفعونها حتى يغفر لهم فمن هم ؟ قال : أولئك أمة أحمد . قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يلبس أحدهم الثوب فما ينفضه حتى يغفر لهم فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم إذا استووا على ظهور دوابهم حمدوك فيغفر لهم فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، أوليائي يا موسى الذي انتقم بهم من عبدة النيران والأوثان .

وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن موسى لما نزلت عليه التوراة وقرأها فوجد فيها ذكر هذه الأمة قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون السابقون فاجعلها أمتي . قال تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم فاجعلها أمتي . قال تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم يقرأونه ظاهراً فاجعلها أمتي . قال تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة يأكلون الفيء فاجعلها أمتي . قال تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة يجعلون الصدقة في بطونهم يؤجرون عليها فاجعلها أمتي . قال تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة إذاً هم أحدهم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، وإن عملها كتبت له عشر حسنات فاجعلها أمتي . قال تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة يؤتون العلم الأول والعلم الآخر ، فيقتلون قرون الضلالة والمسيح الدجال فاجعلها أمتي . قال تلك أمة أحمد . قال : يا رب فاجعلني من أمة أحمد ، فأعطي عند ذلك خصلتين { فقال : يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين } قال : قد رضيت يا رب » .

وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن عبد الرحمن المغافري أن كعب الأحبار رأى حبر اليهود يبكي فقال له : ما يبكيك ؟ قال : ذكرت بعض الأمور فقال له كعب : أنشدك بالله لئن أخبرتك ما أبكاك لتصدقني ؟ قال : نعم . قال : أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : رب إني أجد أمة في التوراة خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ويؤمنون بالكتاب الأول والكتاب الآخر ، ويقاتلون أهل الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الدجال ، فقال : موسى رب أجعلهم أمتي . قال : هم أمة أحمد ؟ قال الحبر : نعم . قال كعب : فأنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : رب إني أجد أمة هم الحمادون رعاة الشمس المحكمون ، إذا أرادوا أمراً قال افعله إن شاء الله فاجعلهم أمتي . قال : هم أمة أحمد ؟ قال الحبر : نعم . قال كعب : فأنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : يا رب إني أجد أمة إذا أشرف أحدهم على شرف كبر الله ، وإذا هبط وادياً حمد الله ، الصعيد لهم طهور ، والأرض لهم مسجداً حيثما كانوا يتطهرون من الجنابة ، طهورهم بالصعيد كطهورهم بالماء حيث لا يجدون الماء ، غر محجلون من آثار الوضوء فاجعلهم أمتي . قال : هم أمة أحمد ؟ قال الحبر نعم .

قال كعب : أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : رب إني أجد أمة مرحومة ضعفاء يرثون الكتاب ، واصطفيتهم { فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات } [ فاطر : 32 ] ولا أجد أحداً منه إلا مرحوماً فاجعلهم أمتي . قال : هم أمة أحمد ؟ قال الحبر : نعم . قال كعب : أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : رب إني أجد في التوراة أمة مصاحفهم في صدورهم يلبسون ألوان ثياب أهل الجنة ، يصفّون في صلاتهم كصفوف الملائكة أصواتهم في مساجدهم كدوي النحل ، لا يدخل النار منهم أحد إلا من بري من الحسنات مثل ما بري الحجر من ورق الشجر فاجعلهم أمتي . قال هم أمة أحمد ؟ قال الحبر : نعم . فلما عجب موسى من الخير الذي أعطاه الله محمداً وأمته قال : يا ليتني من أمة أحمد ، فأوحى الله إليه ثلاث آيات يرضيه بهن { يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي } [ الأعراف : 144 ] الآية فرضي موسى كل الرضا .

وأخرج أبو نعيم عن سعيد بن أبي هلال أن عبد الله بن عمرو قال لكعب : أخبرني عن صفة محمد صلى الله عليه وسلم وأمته ؟ قال : أجدهم في كتاب الله : أن أحمد وأمته حمَّادون يحمدون الله على كل خير وشر ، يكبرون الله على كل شرف يسبحون الله في كل منزل ، نداؤهم في جو السماء ، لهم دوي في صلاتهم كدوي النحل على الصخر ، يصفون في الصلاة كصفوف الملائكة ، وصفَّون في القتال كصفوفهم في الصلاة ، وإذا غزوا في سبيل الله كانت الملائكة بين أيديهم ومن خلفهم برماح شداد ، إذا حضروا الصفّ في سبيل الله كان الله عليهم مظلاً كما تظل النسور على وكورها ، لا يتأخرون زحفاً أبداً حتى يحضرهم جبريل عليه السلام .

وأخرج الطبراني والبيهقي في الدلائل عن محمد بن يزيد الثقفي قال : اصطحب قيس بن خرشة وكعب الأحبار ، حتى إذا بلغا صفين وقف كعب ثم نظر ساعة ، ثم قال : ليهراقن بهذه البقعة من دماء المسلمين شيء لا يهراق ببقعة من الأرض مثله ؟ فقال قيس : ما يدريك فإن هذا من الغيب الذي استأثر الله به ؟ ! فقال كعب : ما من الأرض شبر إلا مكتوب في التوراة الذي أنزل الله على موسى ما يكون عليه وما يخرج منه إلى يوم القيامة .

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن خالد الربعي قال : قرأت في كتاب الله المنزل أن عثمان بن عفان رافع يديه إلى الله يقول : يا رب قتلني عبادك المؤمنون .

وأخرج أحمد في الزهد عن خالد الربعي قال : قرأت في التوراة اتق الله يا ابن آدم ، وإذا شبعت فاذكر الجائع .

وأخرج أحمد عن قتادة قال : بلغنا أنه مكتوب في التوراة ابن آدم ارحم ترحم إنه من لا يَرحم لا يُرحم ، كيف ترجو أن أرحمك وأنت لا ترحم عبادي ؟

وأخرج أحمد وأبو نعيم في الحلية عن مالك بن دينار قال : قرأت في التوراة يا ابن آدم لا تعجز أن تقوم بين يدي في صلاتك باكياً فإني أنا الله الذي اقترب لقلبك وبالغيب رأيت نوري . قال مالك : يعني الحلاوة والسرور الذي يجد المؤمن .

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن وهب بن منبه قال : أربعة أحرف في التوراة مكتوب من لم يشاور يندم ، ومن استغنى استأثر ، والفقر الموت الأحمر وكما تدين تدان .

وأخرج أحمد وأبو نعيم عن خيثمة قال : مكتوب في التوراة ابن آدم تفرغ لعبادتي املأ قلبك غنى وأسدّ فقرك ، وإن لا تفعل املأ قلبك شغلاً ولا أسد فقرك .

وأخرج أحمد في الزهد عن بيان قال : بلغني أن في التوراة مكتوب ابن آدم كسيرة تكفيك ، وخرقة تواريك ، وحجر يأويك « .

وأخرج أحمد عن وهيب المكي قال : بلغني أنه مكتوب في التوراة يا ابن آدم اذكرني إذا غضبت أذكرك إذا غضبت فلا أمحقك مع من أمحق ، وإذا ظلمت فارض بنصرتي لك فإن نصرتي لك خير من نصرتك لنفسك .

وأخرج أحمد عن الحسن بن أبي الحسن قال : انتهت بنو إسرائيل إلى موسى عليه السلام فقالوا : إن التوراة تكبر علينا فأنبئنا بجماع من الأمر فيه تخفيف . فأوحى الله إليه : ما سألك قومك ؟ قال : يا رب أنت أعلم . قال : إنما بعثتك لتبلغني عنهم وتبلغهم عني . قال : فإنهم سألوني جماعاً من الأمر فيه تخفيف ، ويزعمون أن التوراة تكبر عليهم فقال الله عز وجل : قل لهم لا تظالموا في المواريث ، ولا يدخلن عليكم عبد بيتاً حتى يستأذن ، وليتوضأ من الطعام ما يتوضأ للصلاة ، فاستخفوها يسيراً ثم إنهم لم يقوموا بها . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك « تقبلوا إلي بستٍ أتقبل لكم بالجنة ، من حدث فلا يكذب ، ومن وعد فلا يخلف ، ومن ائتمن فلا يخون ، احفظوا أيديكم وأبصاركم وفروجكم » .

وأخرج أحمد عن مالك بن دينار قال : قرأت في التوراة من يزدد علماً يزدد وجفاً . وقال : مكتوب في التوراة من كان له جار يعمل بالمعاصي فلم ينهه فهو شريكه .

وأخرج أحمد عن قتادة قال : إن التوراة مكتوباً يا ابن آدم تذكرني وتنساني ، وتدعو إلي وتفر مني ، وأرزقك وتعبد غيري .

وأخرج عبد الله وابنه عن الوليد بن عمر قال : بلغني أنه مكتوب في التوراة ابن آدم حرك يديك افتح لك باباً من الرزق ، وأطعني فيما آمرك فما أعلمني بما يصلحك .

وأخرج عبد الله عن عقبة بن زينب قال : في التوراة مكتوب لا تتوكل على ابن آدم فإن ابن آدم لليس ولكن توكل على الحي الذي لا يموت ، وفي التوراة مكتوب مات موسى كليم الله فمن ذا الذي لا يموت ؟

وأخرج أحمد عن وهب بن منبه قال : وجدت فيما أنزل الله على موسى أن من أحب الدنيا أبغضه الله ، ومن أبغض الدنيا أحبه الله ، ومن أكرم الدنيا أهانه الله ، ومن أهان الدنيا أكرمه الله .

وأخرج ابن أبي شيبة عن عروة قال : مكتوب في التوراة ليكن وجهك بسطاً وكلمتك طيبة تكن أحب إلى الناس من الذين يعطونهم العطاء .

وأخرج ابن أبي شيبة عن عروة قال : بلغني أنه مكتوب في التوراة كما تَرحمون تُرحمون .

وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : والذي فلق البحر لبني إسرائيل في التوراة مكتوب : يا ابن آدم اتق ربك ، وابرر والديك ، وصل رحمك ، أمدَّ لك في عمرك ، وأيسر لك يسرك ، وأصرف عنك عسرك .

وأخرج ابن أبي شيبة عن كردوس الثعلبي قال : مكتوب في التوراة اتق توقه إنما التوقي في التقوى ، ارحموا ترحموا توبوا يتاب عليكم .

وأخرج الحكيم في نوادر الأصول عن أبي الجوزاء قال : قرأت في التوراة أن سرَّك أن تحيا وتبلغ علم اليقين فاحتمل في كل حين أن تغلب شهوات الدنيا ، فإن من يغلب شهوات الدنيا يفرق الشيطان من ظله .

وأخرج الطبراني في السنة وأبو الشيخ عن كعب قال : لما أراد الله أن يكتب لموسى التوراة قال : يا جبريل ادخل الجنة فائتني بلوحين من شجرة الجنة ، فدخل جبريل فاستقبلته شجرة من شجر الجنة من ياقوت الجنة ، فقطع منها لوحين فتابعته على ما أمره الرحمن تبارك وتعالى ، فأتى بهما الرحمن فأخذهما بيده ، فعاد اللوحان نوراً لما مسّهما الرحمن تبارك وتعالى ، وتحت العرش نهر يجري من نور لا يدري حملة العرش أين يجيء ولا أين يذهب منذ خلق الله الخلق ، فلما استمد منه الرحمن جف فلم يجر ، فلما كتب لموسى التوراة بيده ناول اللوحين موسى ، فلما أخذهما موسى عاداً حجارة ، فلما رجع إلى بني إسرائيل والى هرون وهو مغضب أخذ بلحيته ورأسه يجره إليه فقال له هرون : يا ابن آدم { إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني } [ الأعراف : 150 ] ومع ذلك إني خفت أن آتيك فتقول : فرقت بين بني إسرائيل ولم تنتظر قولي ، فاستغفر موسى ربه تبارك وتعالى ، واستغفر لأخيه وقد تكسرت الألواح لما ألقاها من يده .

وأخرج أحمد في الزهد عن كعب الأحبار . أن موسى عليه السلام كان يقول في دعائه : اللهم ليّن قلبي بالتوراة ولا تجعل قلبي قاسياً كالحجر .

وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : سأل موسى جماعاً من العمل ؟ فقيل له : انظر ما تريد أن يصاحبك به الناس فصاحب الناس به .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس { فخذها بقوّة } قال : بجد وحزم { سأوريكم دار الفاسقين } قال : دار الكفار .

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس { فخذها بقوّة } قال : بجد { وأمر قومك يأخذوا بأحسنها } قال : أمر موسى أن يأخذوها بأشد مما أمر به قومه .

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة { فخذها بقوة } قال : إن الله تعالى يحب أن يؤخذ أمره بقوة وجد .

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله { فخذها بقوة } قال : بطاعة .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله { فخذها بقوة } يعني بجد واجتهاد { وأمر قومك يأخذوا بأحسنها } قال : بأحسن ما يجدون منها .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله { سأوريكم دار الفاسقين } قال مصيرهم في الآخرة .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله { دار الفاسقين } قال : منازلهم في الدنيا .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله { سأوريكم دار الفاسقين } قال : جهنم .

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله { سأوريكم دار الفاسقين } قال : رفعت لموسى حتى نظر إليها .

وأخرج أبو الشيخ عن قتادة في قوله { سأوريكم دار الفاسقين } قال : مصر .