النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَكَتَبۡنَا لَهُۥ فِي ٱلۡأَلۡوَاحِ مِن كُلِّ شَيۡءٖ مَّوۡعِظَةٗ وَتَفۡصِيلٗا لِّكُلِّ شَيۡءٖ فَخُذۡهَا بِقُوَّةٖ وَأۡمُرۡ قَوۡمَكَ يَأۡخُذُواْ بِأَحۡسَنِهَاۚ سَأُوْرِيكُمۡ دَارَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (145)

قوله عز وجل : { وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ . . . } الآية في { وَكَتَبْنَا لَهُ } قولان :

أحدهما : فرضنا ، كقوله تعالى :

{ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ } [ البقرة : 183 ] أي فرض .

والثاني : أنه كتابة خط بالقلم في ألواح أنزلها الله عليه{[1132]} .

واختلفوا في الألواح من أي شيء كانت على أربعة أقاويل :

أحدها : أنها كانت من زمرد أخضر ، قاله مجاهد .

والثاني : أنها كانت من ياقوت ، قاله ابن جبير .

والثالث : أنها كانت من زبرجد ، قاله أبو العالية .

والرابع : قاله الحسن كانت الألواح من خشب ، واللوح مأخوذ من أن المعاني تلوح بالكتابة فيه .

وفي قوله : { مِن كُلِّ شَيْءٍ } قولان :

أحدهما : من كل شيء يحتاج إليه في دينه من الحلال والحرام والمباح والمحظور والواجب وغير الواجب .

والثاني : كتب له التوراة فيها من كل شيء من الحكم والعبر .

وفي قوله : { مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً . . . } تأويلان :

أحدهما : أن الموعظة النواهي ، والتفصيل : الأوامر ، وهو معنى قول الكلبي .

والثاني : الموعظة : الزواجر ، والتفصيل : الأحكام ، وهو معنى قول مقاتل .

قال : وكانت سبعة ألواح .

{ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ } فيه أربعة{[1133]} أقاويل :

أحدها : بجد واجتهاد قاله السدي .

والثاني : بطاعة ، قاله الربيع بن أنس .

والثالث : بصحة عزيمة ، قاله علي بن عيسى .

والرابع : بشكر ، قاله جويبر{[1134]} .

{ وَأمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا } لم يقل ذلك لأن فيها غير حسن ، وفيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : أن أحسنها : المفروضات ، وغير الأحسن : المباحات .

والثاني : أنه الناسخ دون المنسوخ .

والثالث : أن فعل ما أمر به أحسن من ترك ما نهي عنه لأن العمل أثقل من الترك وإن كان طاعة .

{ سَأُرِيكُمْ دَارَ الفَاسِقِينَ } فيها أربعة أقاويل :

أحدها : هي جهنم ، قاله الحسن ومجاهد .

والثاني : هي منازل من هلك بالتكذيب من عاد وثمود{[1135]} والقرون الخالية ، لتعتبروا بها وبما صاروا إليه من النكال ، قاله قتادة .

والثالث : أنها منازل سكان الشام الجبابرة والعمالقة .

والرابع : أنها دار فرعون{[1136]} وهي مصر .

وقرأ قسامة{[1137]} بن زهير { سَأُوْرِثُكُمْ } .


[1132]:سقط من ق.
[1133]:في ق: ثلاثة.
[1134]:سقط من ق.
[1135]:في ق: منازلهم، والباقي سقط منها.
[1136]:أي سأريكم إياها خالية عنهم، وهذا القول مروي عن سعيد بن جبير.
[1137]:من هنا إلى: غافلين عن الجزاء سقط من ق.