السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَيَجۡعَلُونَ لِلَّهِ ٱلۡبَنَٰتِ سُبۡحَٰنَهُۥ وَلَهُم مَّا يَشۡتَهُونَ} (57)

النوع الثاني : قوله تعالى : { ويجعلون لله البنات } ، ونظيره قوله تعالى : { وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً } ، كانت خزاعة وكنانة يقولون ، الملائكة بنات الله . قال الرازي : أظنّ أنّ العرب إنما أطلقوا لفظ البنات على الملائكة ؛ لاستتارهم عن العيون ، فأشبهوا النساء في الاستتار ، فأطلقوا عليهم البنات . قال ابن عادل : وهذا الذي ظنه ليس بشيء ؛ فإنّ الجنّ أيضاً مستترون عن العيون ، ولم يطلقوا عليهم لفظ البنات .

ولما حكى الله تعالى عنهم هذا القول ، قال تعالى : { سبحانه } ، وفيه وجهان : الأوّل : أن يكون المراد تنزيه ذاته عن نسبة الولد إليه . الثاني : تعجيب الخلق من هذا الأمر ، والجهل الصريح ؛ وهو وصف الملائكة بالأنوثة ، ثم نسبتها بالولدية إلى الله تعالى ، قيل في التفسير : معناه : معاذ الله ، وذلك مقارب للوجه الأوّل . ولما ذكر الله تعالى إلى ما جعلوا له مع الغنى المطلق ، بين ما نسبوا لأنفسهم مع لزوم الحاجة والضعف ، بقوله تعالى : { ولهم ما يشتهون } ، من البنين ، وقد يكونون أعداء أعدائهم .