{ إني أنا ربك } قال وهب نودي من الشجرة فقيل : يا موسى فأجاب سريعاً ولم يدر من دعاه فقال إني أسمع صوتك ولا أرى مكانك فأين أنت فقال أنا فوقك ومعك وأمامك وخلفك وأقرب إليك منك فعلم أنّ ذلك لا ينبغي إلا لله تعالى فأيقن به .
وقيل : إنه سمع بكل أجزائه حتى أنّ كل جارحة منه كانت أذناً وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بفتح الهمزة من إني على تقدير الباء أي : بأني لأنّ النداء يوصل بها تقول ناديته بكذا وأنشد الفارسي قول الشاعر :
ناديت باسم ربيعة بن مكدّم *** أنّ المنوه باسمه الموثوق
وجوّز ابن عطية أن تكون بمعنى لأجل وليس بظاهر والباقون بالكسر إمّا على إضمار القول كما هو رأي البصريين أي : فقيل : وإما لأنّ النداء في معنى القول عند الكوفيين وقوله تعالى : { أنا } يجوز أن يكون مبتدأ وما بعده خبره والجملة خبر إن ويجوز أن يكون توكيد للضمير المنصوب ويجوز أن يكون فصلاً .
وروى ابن مسعود مرفوعاً في قوله تعالى : { فاخلع نعليك } إنهما كانا من جلد حمار ميت ويروى غير مدبوغ فأمر بخلعهما صيانة للوادي المقدّس وقال عكرمة ومجاهد : إنما أمر بذلك ليباشر بقدمه تراب الأرض المقدّسة فيناله بركتها ويدل لذلك أنه قال تعالى عقبه : { إنك بالوادي المقدّس } أي : المطهر أو المبارك فخلعهما وألقاهما من وراء الوادي هذا ما قاله أهل التفسير .
وذكر أهل الإشارة في ذلك وجوهاً :
أحدها : أنّ النعل في النوم يعبر بالزوجة وقوله : { فاخلع نعليك } إشارة إلى أنه لا يلتفت بخاطره إلى الزوجة والولد وأن لا يبقى مشغول القلب بأمرهما .
ثانيها : المراد بخلع النعلين ترك الالتفات إلى الدنيا والآخرة كأنه أمره أن يصير مستغرق القلب بالكلية في معرفة الله تعالى فلا يلتفت إلى المخلوقات .
ثالثها : أن الإنسان حال الاستدلال على وجود الصانع لا يمكنه أن يتوصل إليه إلا بمقدمتين مثل أن يقول العالم المحسوس محدث وكل ما كان كذلك فله مؤثر ومدبر وصانع فهاتان المقدمتان شبيهتان بالنعلين لأنّ بهما يتوصل العقل إلى المقصود وينتقل من النظر في الخلق إلى معرفة الخالق ثم بعد الوصول إلى معرفة الخالق وجب أن لا يبقى ملتفتاً إلى تلك المقدمتين ، فكأنه قيل : لا تكن مشتغل الخاطر بتلك المقدّمتين فإنك وصلت إلى الوادي المقدس الذي هو بحر معرفة الله تعالى : وقوله تعالى : { طوى } بدل أو عطف بيان وقرأه هنا وفي النازعات نافع وابن كثير وأبو عمرو بغير تنوين فهو ممنوع من الصرف باعتبار البقعة مع العلمية وقيل : لأنه معدول عن طاو فهو مثل عمر للعدل عن عامر وقيل : إنه اسم أعجمي ففيه العلمية والعجمة والباقون بالتنوين فهو مصروف باعتبار المكان ففيه العلمية فقط وعند هؤلاء ليس بأعجميّ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.