السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{طه} (1)

مقدمة السورة:

مكية ، وهي مائة وخمس وثلاثون آية وعدد كلماتها ألف وثلاثمائة وإحدى وأربعون كلمة وعدد حروفها خمسة آلاف ومائتان واثنان وأربعون حرفاً وعن ابن عباس أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أعطيت السورة التي ذكرت فيها البقرة من الذكر الأوّل وأعطيت طه ويس والطواسين من ألواح موسى وأعطيت فواتيح القرآن وخواتيم السورة التي ذكرت فيها البقرة من تحت العرش وأعطيت المفصل نافلة " .

{ بسم الله } الملك الحق المبين { الرحمن } الذي عمّ نعمه على خلقه أجمعين { الرحيم } الذي خص بجنته عباده المؤمنين وقرأ { طه } .

{ طه } شعبة وحمزة والكسائي بإمالة الطاء والهاء ووافقهم ورش وأبو عمرو على إمالة الهاء محضة ولم يمل ورش محضة إلا هذه الهاء وقد تقدّم الكلام في الحروف المقطعة في أوّل سورة البقرة وفي هذه هاهنا قولان : الصحيح أنها من تلك وقيل : إنها كلمة مفيدة أما على القول الأوّل فقد تقدّم الكلام فيه في أوّل سورة البقرة والذي زادوه هنا أمور :

أحدها : قال الثعالبي : الطاء شجرة طوبى والهاء الهاوية فكأنه أقسم بالجنة والنار .

ثانيها : يحكى عن جعفر الصادق الطاء طهارة أهل البيت والهاء هدايتهم .

ثالثها : قال سعيد بن جبير : هذا افتتاح اسمه الطيب الطاهر الهادي .

رابعها : مطمع الشفاعة للأمة وهادي الخلق إلى الملة .

خامسها : الطاء من الطهارة والهاء من الهداية فكأنه قيل يا طاهراً من الذنوب يا هادياً إلى علام الغيوب .

سادسها : الطاء طول القراءة والهاء هيبتهم في قلوب الكفار قال تعالى : { سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب } [ آل عمران ، 151 ] .

سابعها : الطاء بتسعة في الحساب والهاء بخمسة تكون أربعة عشر ومعناها يا أيها البدر وأمّا على القول الثاني فقيل : معنى طه يا رجل وهو يروى عن ابن عباس والحسن ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وعكرمة والكلبي ، ثم قال سعيد بن جبير بالنبطية ، وقال قتادة بالسريانية وقال عكرمة بالحبشية وقال الكلبي بلغة عك وهو بتشديد الكاف ابن عدنان أخو معد ، وحكى الكلبي أنك لو قلت في عك يا رجل لم تجب حتى تقول طه ، وقال السدّي : معناه يا فلان وقيل : إنه صلى الله عليه وسلم كان يقوم في تهجده على إحدى رجليه فؤمر أن يطأ الأرض بقدميه معاً .