السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡصٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (155)

{ ولنبلونكم } أي : ولنختبرنكم يا أمّة محمد صلى الله عليه وسلم واللام لجواب القسم تقديره والله لنبلونكم والابتلاء إظهار المطيع من العاصي لا ليعلم شيئاً لم يكن عالماً به { بشيء } أي : بقليل { من الخوف } أي : خوف العدوّ { والجوع } أي : القحط وإنما قلله بالنسبة لما وقاهم عنه فيخفف عنهم ويريهم أنّ رحمته لا تفارقهم أو بالنسبة إلى ما يصيب به معانديهم في الآخرة وإنما أخبرهم قبل وقوعه ليوطنوا عليه نفوسهم { ونقص من الأموال } بالخسران والهلاك { والأنفس } بالقتل والموت وقيل : بالمرض والشيب { والثمرات } بالجوائح .

وعن الشافعي رضي الله تعالى عنه : الخوف خوف الله ، والجوع صوم رمضان ، ومن الثمرات موت الأولاد . وعن أبي سنان قال : دفنت ولدي سناناً وأبو طلحة الخولاني على شفير القبر ، فلما أردت الخروج أخذ بيدي فأخرجني ، فقال : ألا أبشرك ؟

حدّثني الضحاك بن عروب عن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته : أقبضتم ولد عبدي ؟ فيقولون : نعم فيقول أقبضتم ثمرة قلبه ؟ فيقولون : نعم فيقول الله تعالى : ماذا قال عبدي ؟ فيقولون : حمدك واسترجع ، فيقول الله تعالى : ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد ) . وقوله تعالى : { وبشر الصابرين } أي : على ما يصيبهم من المكروه عطف كما قال التفتازاني على ولنبلونكم عطف المضمون على المضمون أي : الابتلاء حاصل لكم وكذا البشارة لكن لمن صبر .