قوله تعالى : " وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا " أي لا تعلق قلبك بهم فإنهم أهل تعنت إن كنت مأمورا بوعظهم . قال قتادة : هذا منسوخ ، نسخه " فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم{[6463]} " [ التوبة : 5 ] . ومعنى " لعبا ولهوا " أي استهزاء بالدين الذي دعوتهم إليه . وقيل : استهزؤوا بالدين الذي هم عليه فلم يعملوا به . والاستهزاء ليس مسوغا في دين . وقيل : " لعبا ولهوا " باطلا وفرحا ، وقد تقدم هذا{[6464]} . وجاء اللعب مقدما في أربعة مواضع ، وقد نُظمت :
إذا أتى لعب ولهو{[6465]} *** وكم من موضع هو في القُران
فحرفٌ في الحديد وفي القتال *** وفي الأنعام منها موضعان
وقيل : المراد بالدين هنا العيد . قال الكلبي : إن الله تعالى جعل لكل قوم عيدا يعظمونه ويصلون فيه لله تعالى ، وكل قوم اتخذوا عيدهم لعبا ولهوا إلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم فإنهم اتخذوه وصلاة وذكرا وحضورا بالصدقة ، مثل الجمعة والفطر والنحر .
قوله تعالى : " وغرتهم الحياة الدنيا " أي لم يعلموا إلا ظاهرا من الحياة الدنيا . " وذكر به " أي بالقرآن أو بالحساب . " أن تبسل نفس بما كسبت " أي ترتهن وتسلم للهلكة . عن مجاهد وقتادة والحسن وعكرمة والسدي . والإبسال : تسليم المرء للهلاك ، هذا هو المعروف في اللغة . أبسلت ولدي أرهنته ، قال عوف بن الأحوص بن جعفر :
وإبسالي بَنِيَّ بغيرِ جُرْمٍ *** بَعَوْنَاهُ ولا بِدَمٍ مُرَاقِ
" بعوناه " بالعين المهملة معناه جنيناه . والبعو الجناية . وكان حمل عن غني لبني قشير دم ابني السجيفة{[6466]} فقالوا : لا نرضى بك ، فرهنهم بنيه طلبا للصلح . وأنشد النابغة الجعدي{[6467]} :
ونحن رَهَنَّا بالأُفَاقَةِ{[6468]} عامرا *** بما كان في الدرداء رَهْنًا فأبسَلا
الدرداء : كتيبة كانت لهم . " ليس لها من دون الله ولي{[6469]} ولا شفيع{[6470]} " تقدم معناه .
قوله تعالى : " وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها " الآية . العدل الفدية ، وقد تقدم في البقرة{[6471]} . والحميم الماء الحار ، وفي التنزيل " يصب من فوق رؤوسهم الحميم " {[6472]} [ الحج : 19 ] الآية . " يطوفون بينها وبين حميم آن{[6473]} " [ الرحمن : 44 ] . والآية منسوخة بآية القتال . وقيل : ليست بمنسوخة ؛ لأن قوله : " وذر الذين اتخذوا دينهم " تهديد ؛ كقول : " ذرهم يأكلوا ويتمتعوا{[6474]} " [ الحجر : 3 ] . ومعناه لا تحزن عليهم ، فإنما عليك التبليغ والتذكير بإبسال النفوس . فمن أبسل فقد أسلم وارتهن . وقيل : أصله التحريم ، من قولهم : هذا بسل عليك أي حرام ، فكأنهم حرموا الجنة وحرمت عليهم الجنة . قال الشاعر{[6475]} :
أجارتكم بَسْلٌ علينا مُحَرَّمُ *** وجارتنا حِلٌّ لكم وحليلُها
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.