قوله سبحانه : { وَذَرِ الذين اتخذوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً }[ الأنعام :70 ] .
هذا أمر بالمتاركة ، وكان ذلك بحَسَب قلَّة المسلمين يومَئِذٍ ، قال قتادة : ثم نُسِخَ ذلك ، وما جرى مجراه بالقتَالِ ، وقال مجاهد : الآيةُ إنما هي للتهديدِ والوعيدِ ، فهي كقوله تعالى : { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } [ المدثر : 11 ] ، وليس فيها نَسْخٌ ، لأنها متضمنة خبراً ، وهو التهديدُ ، { وَغَرَّتْهُمُ الحياة الدنيا }[ الأنعام :70 ] ، أيْ : خدعتهم من الغُرُور ، وهو الأطماعُ بما لا يتحصَّل ، فاغتروا بنعم اللَّه وإمهاله ، وطَمَعُهُمْ ذلك فيما لم يتحصَّل من رحمته ، واعلم أنَّ أعقلَ العقلاء مؤمنٌ مقبِلٌ على آخرته ، قد جَعَلَ الموْتَ نُصْبَ عينيه ، ولم يغترَّ بزخارف الدنيا ، كما اغتر بها الحمقى ، بل جعل همَّهُ واحداً ، هَمَّ المعاد ، ِ وما هو صائرٌ إليه ، وقد روى البَزَّار في مسنده ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، أنَّهُ قَالَ : ( مَنْ جَعَلَ الهُمُومَ هَمًّا وَاحِداً ، هَمَّ المَعَادِ ، كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ الدُّنْيَا ، وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الهُمُومُ ، هُمُومُ الدُّنْيَا ، لَمْ يُبَالِ اللَّهُ تعالى فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهَا هَلَكَ ) انتهى من «الكوكب الدريِّ » .
وقوله سبحانه : { وَذَكِّرْ بِهِ } : أي بالقرآن ، وقيل : الضمير في { بِهِ } عائدٌ على الدِّين ، و{ أَن تُبْسَلَ } في موضع المفعولِ له ، أي : لَئِلاَّ تُبْسَلَ ، ومعناه : تُسْلَمَ ، قاله الحسن ، وعكرمة ، وقال قتادةُ : تُحْبَسَ وتُرْهَنْ ، وقال ابن عبَّاس : تُفْضَح ، وقال ابن زيد : تجزى ، وهذه كلُّها متقاربةُ المعنى ، ومنه قول الشنفرى : [ الطويل ]
هُنَالِكَ لاَ أَرْجُو حَيَاةً تَسُرُّنِي *** سَمِيرَ اللَّيَالِي مُبْسَلاً بِالْجَرَائِرِ
وباقي الآية بيِّن ، { وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ } ، أي : وإن تعط كلَّ فدية ، وإنْ عظُمت ، فتجعلها عِدْلاً لها ، ( لا يُقْبَل منها ) ، وقال أبو عُبَيْدة : { وَإِن تَعْدِلْ } ، هو من العَدْلِ المضادِّ للجور ، وردَّه الطبريُّ بالإجماع على أنَّ توبة الكافر مقبولةً .
قال ( ع ) : ولا يلزم هذا الردُّ ، لأنَّ الأمر إنما هو يوم القيامة ، ولا تقبلُ فيه توبة ، ولا عملٌ ، قلْتُ : وأجلى من هذا أنْ يحمل كلامُ أبي عُبَيْدة على معنى أنَّه لا يقبلُ منها عدلُها ، لاختلال شَرْطه ، وهو الإيمانُ ، و{ أُبْسِلُواْ } : معناه : أُسْلِمُوا بما اجترحوه من الكُفْر ، ( والحميمُ ) : الماءُ الحارُّ ، ومنه : الحَمَّام ، والحَمَّة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.