السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{لَمۡ يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ} (3)

وعن أبيّ بن كعب : هو الذي { لم يلد } ؛ لأنّ من يلد سيموت ، ومن يرث يورث عنه ، ففسر الصمد بما بعده . وينبغي أن تجعل هذه التفاسير كلها تفسيراً واحداً ؛ فإنه متصف بجميعها ، فكونه { لم يلد } ؛ لأنه لم يجانس ولم يفتقر إلى من يعينه ، أو يخلف عنه لامتناع الحاجة والفناء عليه لدوامه في أبديته ، والاقتصار على الماضي لوروده ردّا على من قال الملائكة بنات الله ، أو العزيز أو المسيح أو غيره .

ولما بين أنه لا فصل له ظهر أنه لا جنس له ، فدل عليه بقوله تعالى : { ولم يولد } ؛ لأنه لو تولد عنه غيره تولد هو عن غيره ، كما هو المعهود والمعقول ، فهو قديم لا أوّل له ؛ بل هو الأوّل الذي لم يسبقه عدم ؛ لأنّ الولادة تتكوّن ولا تتشخص إلا بواسطة المادّة وعلاقتها ، وكل ما كان مادّياً أو كان له علاقة بالمادة كان متولداً عن غيره ، والله سبحانه وتعالى منزه عن جميع ذلك .