الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{لَمۡ يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ} (3)

وقوله : { لم يلد ولم يولد } أي : لم يكن له ولد( {[78187]} ) ولا يكون ، ولم يكن هو من والد ولا يكون .

وقيل : معناه ليس بفان ، لأنه ليس شيء " يلد إلا وهو فان { ولم يولد } ليس بمحدث ، ولم يكن فكان ، لأن كل مولود فإنما وجد بعد أن لم يكن لكنه جل وعز قديم لا يبيد ولا يفنى ليس كمثله شيء .

وروى( {[78188]} ) سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال : تفكروا في كل شيء ، ولا تفكروا في ذات الله ، فإن بين السماء السابعة [ إلى الكرسي ] ( {[78189]} ) سبعة آلاف( {[78190]} ) نور ، والله فوق ذلك( {[78191]} ) .

وروي أن المشركين سألوا رسول الله عن صفة( {[78192]} ) رب العزة ، فأنزل الله عليه هذه السورة جوابا لهم( {[78193]} ) .

وقيل : إن اليهود قالوا للنبي/ : هذا اله خلق الخلق ، فمن خلق الله جل ثناؤه ؟ فأنزلت( {[78194]} ) هذه السورة جوابا لهم( {[78195]} ) .

وقال عكرمة : إن المشركين قالوا : يا محمد( {[78196]} ) ، [ لأخبرنا عن ربك ]( {[78197]} ) ، [ صف ]( {[78198]} ) لنا ربك ما هو ؟ ومن أي شيء هو ؟ ومن أي شيء هو ؟ فأنزل الله جل ذكره { قل هو الله أحد }( {[78199]} ) إلى آخرها( {[78200]} ) .

وقال أبو العالية : [ قال قادة الأحزاب ]( {[78201]} ) للنبي صلى الله عليه وسلم : انسب لنا ربك ، فأتاه جبريل عليه السلام بهده السورة( {[78202]} ) .

[ وقال ] ( {[78203]} ) ابن عباس : دخلت اليهود على نبي الله( {[78204]} ) صلى الله عليه وسلم فقالت( {[78205]} ) : يا محمد ، لنا ربك [ وانسبه لنا ] ( {[78206]} ) ، فقد وصف نفسه في التوراة ونسبها . فارتعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خر مغشيا عليه ، فقال : كيف تسألوني عن [ صفة ] ( {[78207]} ) ربي ونسبه ؟ ! ولو سألتموني أن أصف لكم الشمس لم أقدر على ذلك ، فهبط جبريل( {[78208]} ) عليه السلام فقال له : يا محمد ، قل لهم : { الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد }( {[78209]} ) { ولم يكن له كفؤا أحد } ، أي ليس بوالد ولا بمولود ، و{ ولم يكن له كفؤا أحدا } ، أي : لم يكن( له ) ( {[78210]} ) شبيه( {[78211]} ) من خلقه فيوصف به أو نسب إليه ، فهذه صفة( {[78212]} ) ربي ونسبه .

وروى محمد بن إسحاق عن محمد( {[78213]} ) [ عن ] ( {[78214]} ) سعيد أن رهطا من اليهود أتوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ( {[78215]} ) فقالوا : يا محمد ، الله( {[78216]} ) خالق( {[78217]} ) الخلق ، فمن خلقه ؟ فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حتى [ انتقع ] ( {[78218]} ) لونه غضبا لربه ، فجاءه جبريل عليه السلام فسكنه ، وقال : اخفض عليك جناحك –يا محمد- وجاءه من الله جواب( {[78219]} ) ما سألوه عنه ، قال : يقول الله –جل ثناؤه- { قل هو الله أحد } إلى آخرها ، فلما( {[78220]} ) تلا عليهم النبي –عليه السلام-( {[78221]} ) السورة . قالوا : صف لنا ربك ، كيف خلقه ؟ وكيف عضده ؟ وكيف [ ذراعه ] ( {[78222]} ) ؟ ، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم أشد( {[78223]} ) من غضبه الأول( {[78224]} ) ، فأتاه جبريل –عليه السلام- فقال له مثل مقالته الأولى ، وأتاه بجواب ما سألوه عنه ، فقال( {[78225]} ) : { وما قدروا الله حق قدر } على قوله : { عما يشركون }( {[78226]} ) .


[78187]:أ: والد.
[78188]:م: ويرى.
[78189]:ساقط من م.
[78190]:ث: الف
[78191]:ذكره ابن عطية في المحرر 16/383 مختصرا عن ابن عباس.
[78192]:أ، ث: نسب.
[78193]:انظر: جامع البيان 30/342 والدر 8/669.
[78194]:أ، ث: فأنزل الله.
[78195]:روي عن سعيد وقتادة في جامع البيان 30/343 والدر 8/671.
[78196]:أ: يا رسول الله.
[78197]:ساقط من م.
[78198]:م: أصف.
[78199]:ساقط من أ، ث.
[78200]:انظر: جامع البيان 30/342-343.
[78201]:م: قال قتادة لأن الأحزاب.
[78202]:انظر: جامع البيان 30/343.
[78203]:م: فقال.
[78204]:ساقط من أ.
[78205]:أ، ث: فقال له.
[78206]:م: وانسبه لنا ربك.
[78207]:م: ث: صفات.
[78208]:أ، ث: فهبط عليه جبريل.
[78209]:ساقط من ث.
[78210]:ساقط من ث.
[78211]:أ: شبيها.
[78212]:أ: صفات.
[78213]:كذا اقتصر الطبري على الاسم فقط في السند، ولعل المقصود هو محمد بن سوقة الغنوي، وقد يدل على ذلك أن الطبري في جامع البيان 3/259 ساق سندا وفيه: "عن سفيان عن محمد بن سوقة عن سعيد بن جبير "وسفيان هو الثوري. (ت: 161هـ). ومحمد بن إسحاق هو صاحب المغازي. (ت:150هـ). وأما محمد بن سوقة فهو من عباد أهل الكوفة وقرائهم، متفق على توثيقه وليس بكثير الحديث، انظر: تاريخ الثقات للعدلي: 405 وكتاب مشاهير علماء الأمصار لابن حبان: 168 وصفة الصفوة 3/116.
[78214]:في جميع النسخ: بن، والتصحيح من جامع البيان.
[78215]:أ: أتوا النبي صلى الله عليه وسلم.
[78216]:أ، ث: هذا الله.
[78217]:أ: ث: خلق.
[78218]:م: أن تنقطع أ: اقتمع. وفي موضوعها بياض في ث. " ويقال "انتفع لونه وامتقع، إذا تغير من خوف أو ألم أو نحو ذلك " النهاية لابن الأثير: 5/109، وما أثبته ثابت في جامع البيان: 30/343 وتفسير سورة الإخلاص لابن تيمية: 9.
[78219]:أ: بجواب، ولعله أنسب.
[78220]:أ، ث: قال فلما.
[78221]:ث: النبي عليهم.
[78222]:م: ذراعيه.
[78223]:أ: غضبا أشد.
[78224]:ث: غضب الأول.
[78225]:أ، ث: قال.
[78226]:الرمز: 64 وانظر: جامع البيان 30/343 وتفسير سورة الإخلاص. لابن تيمية، ص: 9.