فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{لَمۡ يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ} (3)

{ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } أي لم يصدر عنه ولد ، ولم يصدر هو عن شيء ، لأنه لا يجانسه شيء ، ولاستحالة نسبة العدم إليه سابقاً ولاحقاً . قال قتادة : إن مشركي العرب قالوا : الملائكة بنات الله . وقالت اليهود : عزير ابن الله . وقالت النصارى : المسيح ابن الله فأكذبهم الله فقال : { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } . قال الرازي : قدّم ذكر نفي الولد مع أن الولد مقدّم للاهتمام ، لأجل ما كان يقوله الكفار من المشركين : إن الملائكة بنات الله ، واليهود : عزير ابن الله ، والنصارى : المسيح ابن الله ، ولم يدّع أحد أن له والداً ، فلهذا السبب بدأ بالأهمّ فقال : { لَمْ يَلِدْ } ثم أشار إلى الحجة فقال : { وَلَمْ يُولَدْ } ، كأنه قيل : الدليل على امتناع الولد اتفاقنا على أنه ما كان ولداً لغيره ، وإنما عبّر سبحانه بما يفيد انتفاء كونه لم يلد ولم يولد في الماضي ولم يذكر ما يفيد انتفاء كونه كذلك في المستقبل لأنه ورد جواباً عن قولهم : «ولد الله » كما حكى الله عنهم بقوله : { أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ الله } [ الصافات : 151 ، 152 ] فلما كان المقصود من هذه الآية تكذيب قولهم ، وهم : إنما قالوا ذلك بلفظ يفيد النفي فيما مضى ، وردت الآية لدفع قولهم هذا .

/خ4