غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُمۡ خَشۡيَةَ إِمۡلَٰقٖۖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُهُمۡ وَإِيَّاكُمۡۚ إِنَّ قَتۡلَهُمۡ كَانَ خِطۡـٔٗا كَبِيرٗا} (31)

40

وفي الآية دلالة على أنه هو المتكفل بأرزاق العباد فلذلك قال بعده : { ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق } وأيضاً لما علم كيفية البر بالوالدين أراد أن يعلم كيفية البر بالأولاد ، فبر الآباء مكافأة وبر الأبناء ابتداء اصطناع . وفيه نظام العالم وبقاء النوع الإنساني لأن قتل الأولاد إن كان لخوف الفقر فهو لسوء الظن بالله ، وإن كان لأجل الغيرة على البنات فهو سعي في تخريب العالم . والأول ضد التعظيم لأمر الله الثاني ضد الشفقة على خلق الله ، ومن رغب عن محبة الوالد فكأنه رغب عن جزئه قال :

ولد المرء منه جزء وما حا *** ل امرىء يودع الثرى منه جزءاً

وكانوا يقتلون البنات لعجز عن الكسب وقدرة البنين عليه بسبب إقدامهم على القتل والغارة . وأيضاً كانوا يخافون أن فقرها ينفر أكفاءها فيحتاجون إلى إنكاحها من غير الأكفاء وفي ذلك عار شديد ، فبين الله سبحانه أن الموجب للرحمة والشفقة هو كونه ولداً فلهذا قال : { أولادكم } وبين أن الخوف من الفقر لا وجه له لأن الله هو الرزاق للكل ، وكثيراً ما يكون لابن أخرق من البنت بعد البلوغ ، وكلا الصنفين يشتركان في الإنفاق عليهما قبل البلوغ .

/خ40