قوله تعالى : { خِطْئاً } : قرأ ابن ذكوان : " خَطَّأً " بفتح الخاءِ والطاءِ مِنْ غيرِ مَدّ ، وابنُ كثير بكسرِ الخاء والمدّ ، ويلزمُ منه فتحُ الطاء ، والباقون بالكسرِ وسكونِ الطاء .
فأمَّا قراءةُ ابنِ ذكوان فَخَرَّجها الزجَّاج على وجهين : أحدهما : أن يكونَ مصدرٍ مِنْ أَخطأ يُخْطِىء خَطَأً ، أي : إخطاءً ، إذا لم يُصِبْ . والثاني : أن يكونَ مصدرَ خَطِئَ يَخْطَأُ خَطَأً ، إذا لم يُصِبْ أيضاً ، وأنشد :
والناسُ يَلْحَوْن الأميرَ إذا هُمُ *** خَطِئوا الصوابَ ولا يُلام المُرْشِدُ
والمعنى على هذين الوجهين : أنَّ قَتْلهم كان غيرَ صواب . واستبعد قومٌ هذه القراءةَ قالوا : لأن الخطأ ما لم يُتَعَمَّدْ فلا يَصِحُّ معناه ههنا .
قلت : وخفي عنهم أن يكونَ بمعنى أخطأ ، أو أنه يقال : " خَطِئ " إذا لَمْ يُصِبْ .
وأمَّا قراءةُ ابنِ كثير فهي مصدرٌ خاطَأَ يُخاطِئ خِطاءً مثل : قاتَلَ يُقاتِل قِتالاً . قال أبو علي : " هي مصدرُ خاطَأَ يُخاطِئ ، وإنْ كنَّا لم نجدْ " خاطَأَ " ولكنْ وَجَدْنا تخاطَأَ وهو مطاوِعُ " خاطَأَ " فَدَلَّنا عليه ، ومنه قولُ الشاعر :
تخاطَأَتِ النَّبْلُ أَحْشاءَه *** وأخَّر يَوْمِي فلم يَعْجَلِ
تخاطأَه القَنَّاصُ حتى وَجَدْتُه *** وخُرْطُوْمُه في مَنْقَعِ الماءِ راسِبُ
فكأنَّ هؤلاء الذين يَقْتُلون أولادَهم يُخاطِئُون الحقَّ والعَدل .
وقد طَعَنَ قومٌ على هذه القراءةِ حتى قال أبو جعفر : " لا أَعْرِفُ لهذه القراءةِ وجهاً " ، ولذلك جعلها أبو حاتم غَلَطاً . قلت : قد عَرَفه غيرُهما ولله الحمدُ .
وأمَّا قراءةُ الباقين فخي جيدةٌ واضحةٌ لأنها مِنْ قولهم : خَطِئ يَخْطَأُ خِطْئاً ، كأَثِمَ يَأثَمُ إثْماً ، إذا تَعَمَّد الكذبَ .
وقرأ الحسن : " خَطاء " بفتح الخاء والمدّ وهو اسمُ مصدر " أَخْطَأَ " كالعَطاء اسمٌ للإِعطاء .
وقرأ أيضاً " خَطا " بالقصرِ ، وأصلُه " خَطَأ " كقراءةِ ابن ذَكْوان ، إلا أنه سَهَّل الهمزةَ بإبدالها ألفاً فَحُذِفت كعَصا .
وأبو رجاءٍ والزُّهْريُّ كذلك ، إلا أنهما كسرا الخاء ك " زِنَى " وكلاهما مِنْ خَطِئ في الدِّين ، وأَخْطأ في الرأي ، وقد يُقام كلٌّ منهما مقامَ الآخرَ .
وقرأ ابنُ عامرٍ في روايةٍ " خَطْئَاً " بالفتح والسكون والهمزِ ، مصدرُ " خَطِئ " بالكسرِ .
وقرأ ابنُ وثاب والأعمشُ " تُقَتِّلوا " ، و " خِشْية " بكسرِ الخاء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.