فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُمۡ خَشۡيَةَ إِمۡلَٰقٖۖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُهُمۡ وَإِيَّاكُمۡۚ إِنَّ قَتۡلَهُمۡ كَانَ خِطۡـٔٗا كَبِيرٗا} (31)

{ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا ( 31 ) }

ثم علل ما ذكره من البسط للبعض والتضييق على البعض بقوله : { إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا } أي يعلم ما يسرون وما يعلنون لا تخفى عليه خافية من ذلك ، فهو الخبير بأحوالهم البصير بكيفية تدبيرهم في أرزاقهم ، وفي هذه الآية دليل على أنه المتكفل بأرزاق عباده فلذلك قال بعدها :

{ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ } خطاب للموسرين بدليل قوله : { خَشْيَةَ إِمْلاقٍ } أي فاقة وفقر يقع بكم يقال أملق الرجل إذا لم يبق له إلا الملقات وهي الحجارة العظام الملس ، يقال أملق إذا افتقر وسلب الدهر ما بيده ، نهاهم الله سبحانه عن أن يقتلوا أولادهم خشية الفقر ، وقد كانوا يفعلون ذلك ؛ وقد تقدم في سورة الأنعام نهي المعسرين بقوله : { ولا تقتلوا أولادكم من إملاق } .

وفي الكرخي حاصله أن قتل الأولاد إن كان لخوف الفقر فهو من سوء الظن بالله ، وإن كان لأجل الغيرة على البنات فهو سعي في تخريب العالم فالأول ضد التعظيم لأمر الله ، والثاني ضد الشفقة على خلق الله وكلاهما مذموم .

ثم بين أن خوفهم من الفقر حتى يبلغوا بسبب ذلك إلى قتل الأولاد لا وجه له فإن الله سبحانه هو الرازق لعباده يرزق الأبناء كما يرزق الآباء فقال { نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم } ولستم لهم برازقين حتى تصنعوا بهم هذا الصنع ، ثم علل سبحانه النهي عن قتل الأولاد لذلك بقوله : { إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئا كَبِيرًا } قرأ الجمهور بكسر الخاء وسكون الطاء ، وقرئ بفتح الخاء والطاء يقال خطئ في دينه خطأ إذا أثم وأخطأ إذا سلك سبيل خطأ عامدا أو غير عامد ، قال الأزهري خطئ يخطأ خطأ مثل أثم يأثم إثما إذا تعمد الخطأ وأخطأ إذا لم يتعمد خطأ والخطأ الإٌثم يقوم مقام الأخطاء وفيه لغتان القصر وهو الجيد والمد وهو قليل .

وقرأ ابن كثير خطاء بكسر الخاء وفتح الطاء ومد الهمزة ، قال النحاس ليس لهذه القراءة وجه وكذلك جعلها أبو حاتم غلطا .