بخع يبخع بخعاً وبخوعاً أهلك من شدة الوجد وأصله الجهد قاله الأخفش والفراء . وفي حديث عائشة ذكرت عمر فقالت : بخع الأرض أي جهدها حتى أخذ ما فيها من أموال الملوك . وقال الكسائي : بخع الأرض بالزراعة جعلها ضعيفة بسبب متابعة الحراثة . وقال الليث : بخع الرجل نفسه قتلها من شدة وجده . وأنشد قول الفرزدق :
ألا أيهذا الباخغ الوجد نفسه *** لشيء نحته عن يديه المقادير
أي نحّته بشد الحاء فخفف . قال أبو عبيدة : كان ذو الرمّة ينشد الوجد بالرفع . وقال الأصمعي : إنما هو الوجد بالفتح انتهى . فيكون نصبه على أنه مفعول من أجله .
{ فلعلك باخع } لعل للترجي في المحبوب وللإشفاق في المحذور .
وقال العسكري : فيها هنا هي موضوعة موضع النهي يعني أن المعنى لا تبخع نفسك .
وقيل : وضعت موضع الاستفهام تقديره هل أنت { باخع نفسك } ؟ وقال ابن عطية : تقرير وتوقيف بمعنى الإنكار عليه أي لا تكن كذلك .
وقال الزمخشري : شبهه وإياهم حين تولوا عنه ولم يؤمنوا به وما تداخله من الوجد والأسف على توليهم برجل فارقته أحبته وأعزته ، فهو يتساقط حسرات على آثارهم ويبخع نفسه وجداً عليهم وتلهفاً على فراقهم انتهى .
وتكون لعل للاستفهام قول كوفي ، والذي يظهر أنها للإشفاق أشفق أن يبخع الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه لكونهم لم يؤمنوا .
وقوله { على آثارهم } استعارة فصيحة من حيث لهم إدبار وتباعد عن الإيمان وإعراض عن الشرع ، فكأنهم من فرط إدبارهم قد بعدوا فهو في إدبارهم يحزن عليهم ، ومعنى { على آثارهم } من بعدهم أي بعد يأسك من إيمانهم أو بعد موتهم على الكفر .
ويقال : مات فلان على أثر فلان أي بعده ، وقرئ { باخع نفسك } بالإضافة .
وقرأ الجمهور : { باخع } بالتنوين { نفسك } بالنصب .
قال الزمخشري : على الأصل يعني إن اسم الفاعل إذا استوفى شروط العلم فالأصل أن يعمل ، وقد أشار إلى ذلك سيبويه في كتابه .
وقال الكسائي : العمل والإضافة سواء ، وقد ذهبنا إلى أن الإضافة أحسن من العمل بما قررناه في ما وضعنا في علم النحو .
وقرئ : { إن لم يؤمنوا } بكسر الميم وفتحها فمن كسر .
فقال الزمخشري : هو يعني اسم الفاعل للاستقبال ، ومن فتح فللمضي يعني حالة الإضافة ، أي لأن { لم يؤمنوا } والإشارة بهذا الحديث إلى القرآن .
قال تعالى { الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً } و { أسفاً } قال مجاهد : جزعاً .
وقال قتادة : غضباً وعنه أيضاً حزناً .
وقال الزجاج : الأسف المبالغة في الحزن والغضب .
وقال منذر بن سعيد : الأسف هنا الحزن لأنه على من لا يملك ولا هو تحت يد الآسف ، ولو كان الأسف من مقتدر على من هو في قبضته وملكه كان غضباً كقوله تعالى { فلما آسفونا انتقمنا منهم } أي أغضبونا .
قال ابن عطية : وإذا تأملت هذا في كلام العرب اطرد انتهى .
وانتصاب { أسفاً } على أنه مفعول من أجله أو على أنه مصدر في موضع الحال ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.