فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَلَعَلَّكَ بَٰخِعٞ نَّفۡسَكَ عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِمۡ إِن لَّمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِ أَسَفًا} (6)

ثم سلى رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله : { فَلَعَلَّكَ باخع نَفْسَكَ على آثارهم } قال الأخفش والفراء : البخع : الجهد . وقال الكسائي : بخعت الأرض بالزراعة : إذا جعلتها ضعيفة بسبب متابعة الحراثة ، وبخع الرجل نفسه إذا نهكها . وقال أبو عبيدة : معناه : مهلك نفسك ، ومنه قول ذي الرمة :

ألا أيها ذا الباخع الوجد نفسه *** . . .

فيكون المعنى على هذه الأقوال : لعلك مجهد نفسك أو مضعفها أو مهلكها { على آثارهم } على فراقهم ومن بعد توليهم وإعراضهم { إِن لَمْ يُؤْمِنُوا بهذا الحديث } أي : القرآن وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله . وقرئ بفتح «أن » . أي : لأن لم يؤمنوا { أَسَفاً } أي : غيظاً وحزناً وهو مفعول له أو مصدر في موضع الحال ، كذا قال الزجاج .

/خ8