محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{فَلَعَلَّكَ بَٰخِعٞ نَّفۡسَكَ عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِمۡ إِن لَّمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِ أَسَفًا} (6)

{ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ( 6 ) } .

{ فلعلك باخع } أي مهلك { نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ } يعني القرآن { أسفا } أي للتأسف على توليتهم وإعراضهم عنه . أو متأسفا عليهم . و ( الأسف ) فرط الحزن والغضب . وفي ( العناية ) : لعل للترجي . والطمع في الوقوع أو الإشفاق منه . وهي هنا استعارة . أي وصلت إلى حالة يتوقع منك الناس ذلك . لما يشاهد من تأسفك على عدم إيمانهم . وفي النظم الكريم استعارة تمثيلية بتشبيه حاله معهم ، وقد تولوا ، وهو آسف من عدم هدايتهم ، بحال من فارقته أحبته . فهم بقتل نفسه . أو كاد يهلك وجدا عليهم وتحسرا على آثارهم . وسر ذلك – كما قال القاشاني – أن الشفقة على خلق الله والرحمة عليهم من لوازم محبة الله ونتائجه . ولما كان صلى الله عليه وسلم حبيب الله ، ومن لوازم محبوبيته محبته لله لقوله : { يحبهم ويحبونه } وكلما كانت محبته للحق أقوى ، كانت شفقته ورحمته على خلقه أكثر . لكون الشفقة عليهم ظل محبته لله ، وأشد تعطفه عليهم . فإنهم كأولاده وأقاربه . بل كأعضائه وجوارحه في الشهود الحقيقي . فلذلك بالغ في التأسف عليهم ، حتى كاد يهلك نفسه .