السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَلَعَلَّكَ بَٰخِعٞ نَّفۡسَكَ عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِمۡ إِن لَّمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِ أَسَفًا} (6)

ولما كان صلى الله عليه وسلم شديد الحرص على إيمان قومه شفقة عليهم وغيرة على المقام الإلهي الذي ملأ قلبه تعظيماً خفض عليه سبحانه وتعالى بقوله تعالى :

{ فلعلك باخع } ، أي : قاتل { نفسك } من شدّة الغمّ والوجد وأشار تعالى إلى شدّة نفرتهم وسرعة مفارقتهم وعظيم مباعدتهم بقوله عز من قائل : { على آثارهم } ، أي : حين تولوا عن التوحيد وعن إجابتك { إن لم يؤمنوا بهذا الحديث } ، أي : القرآن المتجدّد تنزيله على حسب التدريج { أسفاً } منك على ذلك والأسف شدّة الحزن والغضب . فإن قيل : ذلك يدل على حدوث القرآن ؟ أجيب : بأنه محمول على الألفاظ وهي حادثة . ثم بين سبحانه وتعالى علة إرشاده إلى الإعراض عنهم بغير ما يقدر عليه من التبليغ للبشارة والنذارة بأنهم لم يخرجوا عن مراده تعالى ، وأنّ الإيمان لا يقدر على إدخاله قلوبهم غيره بقوله عز وجل : { إنّا } .