{ بَدِيعُ السموات والأرض } أي مُبدِعُهما ومخترِعُهما بلا مثال يَحتذيه ولا قانونٍ ينتحيه فإن البديعَ كما يُطلقُ على المبتدِع يُطلق على المبتدَع نصَّ عليه أساطينُ أهل اللغة وقد جاء : بَدَعَه كمنعه بمعنى أنشأه كابتدعه كما ذُكر في القاموس وغيره ، ونظيره السميع بمعنى المسمِع في قوله :
أَمِنْ رَيْحانَةَ الدَّاعي السميعُ{[72]} *** [ يؤرقني وأصحابي هجوع ]
وقيل : هو من إضافة الصفةِ المشبّهةِ إلى فاعلها للتخفيف بعد نصبه على تشبيهها باسم الفاعِلِ كما هو المشهورُ أي بديعُ سمواتِه من بَدَع إذا كان على شكل فائقٍ وحُسْنٍ رائق ، وهو حجة أخرى لإبطال مقالتِهم الشنعاءِ تقريرُها أن الوالدَ عنصرُ الولدِ المنفصلِ بانفصال مادته عنه والله سبحانه مُبدعُ الأشياء كلِّها على الإطلاق منزَّه عن الانفصال فلا يكون والداً ، ورفعُه على أنه خبر لمبتدإٍ محذوف أي هو بديعُ الخ ، وقرئ بالنصبَ على المدح وبالجرِّ على أنه بدل من الضمير في ( له ) على رأي من يجوز الإبدالَ من الضمير المجرور كما في قوله : [ الطويل ]
[ على حالة لو أن في القوم حاتما ] *** على جُوده لضَنَّ بالماء حاتم{[73]}
{ وَإِذَا قضى أَمْرًا } أي أراد شيئاً كقوله : { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً } [ يس ، الآية 86 ] وأصلُ القضاءِ الإحكامُ أُطلق على الإرادة الإلهية المتعلقة بوجود الشيء لإيجابها إياه اْلبتةَ وقيل : الأمر ، ومنه قولُه تعالى : { وقضى رَبُّكَ } [ الإسراء ، الآية 23 ] الخ { فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } كلاهما من الكون التام أي أحْدَثَ وليس المرادُ به حقيقةَ الأمرِ والامتثال ، وإنما هو تمثيلٌ لسهولة تأتّي المقدورات بحسَب تعلّقِ مشيئتِه تعالى وتصويرٌ لسرعة حُدوثِها بما هو عَلَمٌ في الباب من طاعة المأمورِ المطيعِ للآمر القويِّ المطاعِ ، وفيه تقريرٌ لمعنى الإبداع وتلويحٌ لحجة أخرى لإبطال ما زعموه بأن اتخاذَ الولدِ شأنُ من يفتقرُ في تحصيل مرادِه إلى مبادئ يستدعي ترتيبُها مرورَ زمانٍ وتبدلَ أطوارٍ ، وفعلُه تعالى متعالٍ عن ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.