الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{قَالُواْ يَٰشُعَيۡبُ أَصَلَوٰتُكَ تَأۡمُرُكَ أَن نَّتۡرُكَ مَا يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَآ أَوۡ أَن نَّفۡعَلَ فِيٓ أَمۡوَٰلِنَا مَا نَشَـٰٓؤُاْۖ إِنَّكَ لَأَنتَ ٱلۡحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ} (87)

{ قَالُواْ يشُعَيْبُ أَصَلَوتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَآ } من الأوثان ، قال ابن عباس : كان شعيب كثير الصلاة لذلك قالوا هذا ، قال الأعمش : يعني قراءتك { أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ } يعني أو أن نترك أن نفعل في أموالنا ما نشاء ، وقرأ بعضهم : تفعل وتشاء بالتاء يعني : تأمرك أن تفعل في أموالنا ما تشاء فيكون راجعاً إلى الأمر لا إلى الترك .

قال أهل التفسير : كان هذا نهياً لهم عنه وعذبوا لأجله قطع الدنانير والدراهم . فلذلك قالوا : وأن نفعل ما نشاء { إِنَّكَ لأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ } قال ابن عباس : السفية الغاوي . قال القاضي : والعرب تصف الشيء بضده ، للتطير والفأل كما قيل للدّيغ : سليم ، وللفأرة : مفازة .

وقيل : هو على الاستهزاء ، كقولهم للحبشي : أبو البيضاء ، وللأبيض : أبو الجون ، ومنه قول خزنة النار لأبي جهل :

{ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ } [ الدخان : 49 ] . وقيل : معناه الحليم الرشيد بزعمك وعندكن ومثله في صفة أبي جهل ، وقال ابن كيسان : هو على الصحة أي أنّك يا شعيب لنا حليم رشيد ، فليس يجمل بك شق عصا قومك ولا مخالفة دينهم ، كقول قوم صالح له : { يصَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً } .