قالوا له : { أَصَلَوَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَآ } قرأ حمزةُ والكسائيُّ وحفص عن عاصم ، " أصلاتُكَ " بغير واو . والباقون{[18946]} بالواو على الجمع .
قوله : { أَوْ أَن نَّفْعَلَ } العامَّةُ على نون الجماعةِ ، أو التعظيم في " نَفْعلُ " و " نشاءُ " .
وقرأ زيد بنُ عليّ ، وابنُ أبي عبلة والضحاك{[18947]} بنُ قيس بتاءِ الخطاب فيهما . وقرأ أبو عبد الرحمن{[18948]} وطلحة الأول بالنون والثاني بالتاء ، فمن قرأ بالنون فيهما عطفه على مفعول " نَتْرُكَ " وهو " ما " الموصولةُ ، والتقدير : أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبدُ آباؤنا ، أو أنْ نتركَ أن نفعل في أموالنا ما نشاءُ ، وهو بخسُ الكيل والوزن المقدَّم ذكرهما . و " أوْ " للتنويع أو بمعنى الواو ، قولان ، ولا يجوز عطفه على مفعول " تأمُركَ " ؛ لأنَّ المعنى يتغيَّرُ ، إذ يصير التقديرُ : أصلواتُك تأمُرك أن تفعل في أموالنا .
ومن قرأ بالتاء فيهما جاز أن يكون معطوفاً على مفعول " تأمُركَ " ، وأن يكون معطوفاً على مفعول " نترك " ، والتقديرُ : أصلواتك تأمرك أن تفعل أنت في أموالنا ما تشاءُ أنت ، أو أن نترك ما يعبدُ آباؤنا ، أو أن نترك أن تفعل أنت في أموالنا ما تشاء أنت .
ومن قرأ بالنُّون في الأوَّلِ وبالتَّاءِ في الثاني كان : " أن تفعل " معطوفاً على مفعول : " تأمُرُكَ " فقد صار ذلك ثلاثة أقسام ، قسمٍ يتعيَّنُ فيه العطفُ على مفعول : " نَتْرُكَ " وهي قراءةُ النُّونِ فيهما ، وقسم يتعيَّنُ فيه العطفُ على مفعول " تأمُرك " ، وهي قراءةُ النُّون في " نفعلُ " والتاء في " تشاء " ، وقسمٍ يجوزُ فيه الأمْران وهي قراءةُ التاء فيهما .
والظَّاهرُ من حيثُ المعنى في قراءة التَّاء فيهما ، أو في " تشاء " أنَّ المراد بقولهم ذلك هو إيفاءُ المكيال والميزان ؛ لأنه كان يأمرهم بهما .
وقال الزمخشريُّ : " المعنى : تأمرك بتكليف أن نترك ، فحذف المضاف لأنَّ الإنسان لا يؤمرُ بفعل غيره " .
واعلم أنَّ قوله : { أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَآ } إشارة إلى أنه أمرهم بالتوحيد . وقوله : { أَوْ أَن نَّفْعَلَ في أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ } إشارة إلى أنه أمرهم بترك البخس .
قيل : المرادُ بالصلاة هنا الدِّين والإيمان ؛ لأنَّ الصلاة أظهر شعائر الدين ؛ فجعلوا ذكر الصَّلاة كناية عن الدِّين . وقيل : أصل الصلاة الاتِّباعُ ، ومنه أخذ المصلِّي من خيل المسابقة ، وهو الذي يتلو السابق ؛ لأنَّ رأسه يكون على صلوي السَّابق ، وهما ناحيتا الفخذين ، والمعنى : دينُك يأمرك بذلك . وقيل : المرادُ هذه الأفعال المخصوصة ، روي أنَّ شُعَيْباً كان كثير الصَّلاةِ ، وكان قومه إذا رأوه يصلي يتغامزون ويتضاحكُون ، فقصدوا بقولهم : أصلاتُكَ تأمرك السخرية والاستهزاء .
{ إِنَّكَ لأَنتَ الحليم الرشيد } .
قال ابن عباس : أرادوا السَّفيه الغاوي ؛ لأنَّ العرب قد تصف الشيء بضده فيقولون : للديغ سليم ، وللفلاة مفازة{[18949]} .
وقيل : قالوه على وجهِ الاستهزاء ، كما يقال للبخيل الخسيس " لو رآكَ حاتمٌ ، لسجد لك " ، وقيل : الحليم ، الرشيد بزعمك .
وقيل : على الصِّحَّة أي : إنَّكَ يا شعيبُ فينا حليم رشيد لا يحصل بك شقّ عصا قومك ، ومخالفة دينهم ، وهذا كما قال قومُ صالح : { قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هذا } [ هود : 62 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.