الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قَالُواْ يَٰشُعَيۡبُ أَصَلَوٰتُكَ تَأۡمُرُكَ أَن نَّتۡرُكَ مَا يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَآ أَوۡ أَن نَّفۡعَلَ فِيٓ أَمۡوَٰلِنَا مَا نَشَـٰٓؤُاْۖ إِنَّكَ لَأَنتَ ٱلۡحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ} (87)

وتقدم الخلاف في قوله " أصلاتك " بالنسبة إلى الإِفراد والجمع في سورة براءة .

قوله { أَوْ أَن نَّفْعَلَ } العامة على نون الجماعة أو التعظيم في " نفعل " و " نشاء " . وقرأ زيد بن علي وابن أبي عبلة والضحاك بن قيس بتاء الخطاب فيهما . وقرأ أبو عبد الرحمن وطلحة الأول بالنون والثاني بالتاء ، فَمَنْ قرأ بالنون فيهما عَطفه على مفعول " نترك " وهو " ما " الموصولةُ/ ، والتقدير : أصلواتُك تأمركَ أن نَتْرُكَ ما يعبدُ آباؤنا ، أو أن نترك أن نفعلَ في أموالِنا ما نشاء ، وهو بَخْسُ الكَيْل والوَزْنِ المقدَّم ذكرُهما . و " أو " للتنويع أو بمعنى الواو ، قولان ، ولا يجوز عَطْفُه على مفعول " تأمرك " ؛ لأن المعنى يتغير ، إذ يصير التقدير : أصلواتُك تأمُرك أن نفعلَ في أموالنا .

ومَنْ قرأ بالتاء فيهما جاز أن يكونَ معطوفاً على مفعول " تأمرك " ، وأن يكونَ معطوفاً على مفعول " نترك " ، والتقدير : أصلواتك تأمرك أن تفعل أنت في أموالنا ما تشاء أنت ، أو أن نترك ما يعبد آباؤنا ، أو أن نترك أن تفعل أنت في أموالنا ما تشاء أنت .

ومَنْ قرأ بالنون في الأول وبالتاء في الثاني كان " أن نفعل " معطوفاً على مفعول " تأمرك " ، فقد صار ذلك ثلاثةَ أقسام ، قسمٍ يتعينَّ فيه العطفُ على مفعول " نترك " وهي قراءةُ النونِ فيهما ، وقسمٍ يتعيَّن فيه العطفُ على مفعول " تأمرك " ، وهي قراءةُ النون في " نفعل " والتاء في " تشاء " ، وقسمٍ يجوز فيه الأمران وهي قراءةُ التاء فيهما . والظاهرُ من حيث المعنى في قراءة التاء فيهما أو في " تشاء " أن المراد بقولهم ذلك هو إيفاءُ المكيال والميزان ؛ لأنه كان يأمرهم بهما . وقال الزمخشري : " المعنى : تأمرك بتكليف أن نترك ، فحذف المضاف لأنَّ الإِنسان لا يُؤْمَرُ بفعل غيره " .