{ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً } ، لعظة . { نُّسْقِيكُمْ } ، قرأ أهل المدينة وابن عامر ونافع وعاصم بفتح النون . وقرأ الباقون بضمه . واختاره أبو عبيد قال : لأنه شراب دائم .
وحكي عن الكسائي أن العرب تقول : أسقيته نهراً ، وأسقيته لبناً ، إذا جعلت له سقياً دائماً ، فإذا أراد أنهم أعطوه شربة قالوا : سقيناه . وقال غيره : هما لغتان يدل عليه قول لبيد في صفة السقاية :
سقى قومي بني مجد وأسقى *** نميراً والقبائل من هلال
{ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ } ، ولم يقل بطونها ، والأنعام جميع ، قال المبرد : كناية إلى النعم ، والنعم والأنعام واحد ولفظ النعم ، واستشهد لذلك برجز بعض الأعراب .
إذا رأيت أنجما من الأسد *** جبهته أو الخراة والكند
بال سهيل في الفضيح ففسد *** وطاب ألبان اللقاح فبرد
ولم يقل فبردت ؛ لأنه رد إلى [ اللبن أو الخراة ] .
قال أبو عبيدة والأخفش : النعم يذّكر ويؤنث ، فمن أنّث فلمعنى الجمع ، ومن ذكر فلحكم اللفظ ؛ ولأنه لا واحد له من لفظه .
أكل عام نِعَم تحوونه *** يلقحه قوم وتنتجونه
وقال الكسائي : ردَّ الكناية إلى المراد في بطون ماذكر . وقال بعضهم : أراد بطون هذا الشيء ، كقول الله : { فَلَماَّ رَءَا الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي } [ الأنعام : 78 ] وقوله : { وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ } [ النمل : 35 ] الآية . { فَلَمَّا جَآءَ سُلَيْمَانَ } [ النمل : 36 ] ولم يقل : جاءت . وقال : الصلتان العبدي .
إن السماحة والمرؤة ضمّنا *** قبراً بمرو على الطريق الواضح
وعفراء أدنى الناس مني مودة *** وعفراء عني المعرض المتواني
إذا الناس ناس والبلاد بغبطة *** وإذ أُم عمّار صديق مساعف
كل ذلك على معنى هذا الشخص ، وهذا الشيء .
وقال المؤرج : الكناية مردودة إلى البعض والجزء ، كأنه قال : { نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونه اللبن } ، إذ ليس لكلّها لبن ، وإنما يسقى من ذوات اللبن ، فاللبن فيه مضمر .
{ مِن بَيْنِ فَرْثٍ } ، وهو ما في الكرش ، فإذا أُخرج منه لا يسمى فرثاً . { وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً } ، خلص من الفرث والدم ، ولم يختلط بهما . { سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ } ، جاهزاً هنيئاً ، يجري في الحلق ولا يغص شاربه ، وقيل : إنه لم يغص أحد باللبن قط .
قال ابن عبّاس : إذا أكلت الدابة العلف ، واستقرّ في كرشها لحينه ، وكان أسفله فرث ، وأوسطه لبن ، وأعلاه دم الكبد ، [ فما كان ] على هذه الأصناف الثلاثة يقسم ؛ فيجري الدم في العروق ، ويجري اللبن في الضرع ، ويبقى الفرث كما هو .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.