الآية 66 : وقوله تعالى : { وإن لكم في الأنعام لعبرة } ، والعبرة : الآية ، أي : أنشأ لكم أنعاما ( فيها الآية ، وهو ){[10257]} صلة قوله : { والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها } ، أي : أنزل من السماء ماء ، وأنشأ الأنعام ، لكم فيه الآية ؛ أنشأ ، جل وعلا ، في الأنعام لبنا غذاء لأولادها {[10258]} ، في الوقت الذي لا تحتمل الغذاء بالعلف ، وجعل لأربابها الانتفاع بذلك اللبن ، ( وفي الأشباه ){[10259]} التي لا يؤكل لحمها لم يجعل لأربابها الانتفاع بما يفضل من اللبن . لم يجعل لها فضل لبن / 287 – ب / .
وقوله تعالى : { نسقيكم مما في بطونه } ذكره بالتذكير . فظاهره أن يذكر بالتأنيث ؛ لأنه إنما أريد به الأمهات التي يَدُرُُّ منها اللبن ، أو جماعة من الذكران منها . فكيف ما كان فهو يذكر على التأنيث ، لكن بعضهم يقولون : ذكر باسم التذكير على إرادة الأصل الذي به كان اللبن ، وهو الفحل .
وهذا يدل إلى أبي حنيفة وأصحابه ، رحمهم الله ، لقولهم في لبن الفحل : إنه يحرم .
وقال بعضهم : ذكر باسم التذكير على إرادة الجنس والجوهر ، من بين الأجناس والجواهر ، دون العدد والجماعة .
وقوله تعالى : { من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين } ، قال ابن عباس رضي الله عنه : معنى استخراج اللبن من بين فرث ودم ؛ وذلك أن العلف إذا وقع في الكُرْشِ ، فيجعل الفَرْثَ أسفله ، والدم أعلاه ، واللبن بين ذلك ، ثم يسلط الكبد عليهم ، فيجلي الدم في العروق ، واللبن في الضرع ، ويبقى الفرث في الكرش كما هو .
وقال بعض الفلاسفة : إن العلف إذا وقع فيه يصير منه فرشا ، ثم يصير منه دما ، ثم يصير لبنا خالصا ، فهو كالنطفة التي وقعت في الرحم تصير علقة ، ثم تصير مضغة مأكولة . فعلى ذلك اللبن الذي ذكر ، والله أعلم .
ويحتمل ما قال بعض الفلاسفة : إن العلف يصير فرثا ، ثم دما لبنا ، ويحتمل أن يكون مجرى اللبن بين ما ذكر من الفَرْثِ والدم . فأي الوجهين كان ، فيه اللطف الذي ذكرنا . ووجه ذكر هذا ، والله أعلم ، على الامتنان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.