الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَٱسۡتَفۡزِزۡ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتَ مِنۡهُم بِصَوۡتِكَ وَأَجۡلِبۡ عَلَيۡهِم بِخَيۡلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَوۡلَٰدِ وَعِدۡهُمۡۚ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ إِلَّا غُرُورًا} (64)

{ وَاسْتَفْزِزْ } [ استولي ] واستخف وإستزل وإستمل { مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ } أي من ذرية آدم { بِصَوْتِكَ } .

قال ابن عبّاس وقتادة : بدعائك إلى معصية الله وكل داع إلى معصية فهو من جند إبليس .

وقال مجاهد : بالغناء والمزامير .

{ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم } أي إجمع وصح . مقاتل : إستفز عنهم .

{ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ } أي ركبان جندهم ومشاتهم .

قال المفسرون : كل راكب وماش في معاصي الله .

ابن عبّاس ومجاهد وقتادة : إن له خيلاً ورجلاً من الجن والإنس ، فما كان من راكب يقاتل في معصية فهو من خيل إبليس ، وما كان من راجل يقاتل في معصية الله فهو من رجل إبليس والرجل الرجالة .

وقرأ حفص : ورجيلك بكسر الراء ، وهما لغتان يقال : راجل ورجل مثل تاجر وتجر ، وراكب وركب .

{ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ } قال قوم : هو كل مال أصيب من حرام وأنفق في حرام ، وهذا قول مجاهد والحسن وسعيد بن جبير وعبد الرحمن بن زيد ، ورواية عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس .

عطاء بن أبي رباح : هو الربا . قتادة : ما كان المشركون يحرمونه من الأنعام كالبحائر والسوايب والوصيلة والحوامي وهي رواية العوفي عن ابن عبّاس .

وقال الضحاك : هو ما كان يذبحونه لآلهتهم .

{ وَالأَوْلادِ } .

قال بعضهم : هم أولاد الزنا ، وهو قول مجاهد والضحاك ورواية عطية عن ابن عبّاس .

الوالبي عنه : هو ما قبلوا من أولادهم وأتوا فيهم الحرام .

الحسن وقتادة : عدو الله شاركهم في أموالهم وأولادهم فمجّسوا وهوّدوا ونصّروا وصبّغوا غير صبغة الاسلام .

أبو صالح عن ابن عبّاس : مشاركته إياهم في الأولاد وتسميتهم أولادهم عبد الحرث وعبد شمس وعبد فلان .

{ وَعِدْهُمْ } ومنّهم الجميل في طاعتك . قال الله { وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً } باطلاً وخديعة لأنه لايغني عنهم من عذاب الله إذا نزل بهم شيئاً كقوله { إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ } [ إبراهيم : 22 ] .