ثم أكد الإمهال والخذلان بقوله : { واستفزز من استطعت منهم بصوتك } أفزه الخوف واستفزه أزعجه واستخفه ، وصوته دعاؤه إلى معصية الله . وقيل : الغناء واللهو واللعب { وأجلب عليهم بخيلك ورجلك } قال الفراء وأبو عبيدة : أجلب من الجلبة والصياح أي صح عليهم . وقال الزجاج : أي أجمع عليهم كل من تقدر عليه من مكايدك . فالإجلاب الجمع والباء في { بخيلك } زائدة . وقال ابن السكيت : الإجلاب الإعانة ، والخيل يقع على الفرسان قال صلى الله عليه وسلم : " يا خيل الله اركبي . " وعلى الأفراس جميعاً . والرجل بسكون الجيم جمع راجل كتاجر وتجر وصاحب وصحب . وبكسر الجيم صفة معناه وجمعك الرجل . تضم جيمه أيضاً مثل ندس وندس وحذر وحذر . عن ابن عباس : كل راكب وراجل في معصية الله فهو من خيل إبليس وجنوده . وقيل : يحتمل أن يكون لإبليس جند من الشياطين بعضها راكب وبعضها راجل ، والأقرب أن هذا كلام ورد تمثيلاً فقد يقال للرجل المجد في الأمر جئتنا بخيلك ورجلك . قال في الكشاف : مثلت حاله في تسلطه على من يغويه بمغوار أوقع على قوم فصوت بهم صوتاً يستفزهم من أماكنهم ويقلقهم عن مراكزهم ، وأجلب عليهم بجند من خيالة ورجالة حتى إذا استأصلهم . أما المشاركة في الأموال فهي كل تصرف في المال لا على وجه الشرع سواء كان أخذاً من غير عوض أو وضعاً في غير حق كالربا والغضب والسرقة . وقيل : هي تبتيك آذان الأنعام وجعلها بحيرة وسائبة . والمشاركة في الأولاد دعوى الولد بغير سبب وتحصيله بالدعاء إلى الزنا ، أو تسميتهم بعبد اللات وعبد العزى ، أو تربيتهم لا كما ينبغي حتى ينشأوا غير راشدين ولا مؤدبين ولا متدينين بدين الحق . { وعدهم } بتزيين المعاصي في أعينهم وترغيبهم فيها وتثقيل الطاعات والعبادات عليهم وتنفيرهم عنها ، وهذه قضية كلية وربما يخصه المفسرون ، فعن بعضهم أن المراد وعدهم بأنه لا جنة ولا نار . وقيل : تسويف التوبة . وقيل : بالكرامة على الله بالأنساب والأحساب . وقيل : بشفاعة الأصنام والأماني الباطلة وإيثار العاجل على الآجل . ثم نفى أن يكون لوعد الشيطان عاقبة حميدة فقال : { وما يعدهم الشيطان إلا غرورا } لأنه إنما يدعو إلى اللذات البهيمية أو السبعية أو الخيالية ، وأكثرها دفع الآلام وكلها لا أصل لها ولا دوام . ومن أراد الاستقصاء في هذا الباب فعليه بمطالعة باب " ذم الغرور من كتاب إحياء علم الدين " للشيخ الإمام محمد الغزالي رحمه الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.