الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدٗاۗ سُبۡحَٰنَهُۥۖ بَل لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ كُلّٞ لَّهُۥ قَٰنِتُونَ} (116)

{ وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ } نزلت في يهود أهل المدينة حيث قالوا : عُزيرا بن الله ، وفي نصارى نجران حيث قالوا : المسيح بن الله وفي مشركي العرب قالوا : الملائكة بنات الله . ( سبّحانه ) نزّه وعظم نفسه . { بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } عبيداً وملكاً . { كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ } مجاهد وعطاء والسّدي : مطيعون دليله قوله تعالى { وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ } [ الأحزاب : 35 ] .

عكرمة ومقاتل ويمان : مقرون بالعبوديّة .

ابن كيسان : قائمون بالشهادة ، وأصل القنوت : القيام ، " وسُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيّ الصّلاة أفضل ؟ قال : " طول القنوت " ، وقيل : مصلّون دليله قوله { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ اللَّيْلِ } [ الزمر : 9 ] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { مثل المجاهد في سبيل الله مثل القانت الصائم }

أيّ المُصلّي .

وقيل : داعون . دليله قوله تعالى { وَقُومُواْ للَّهِ قَانِتِينَ } [ البقرة : 238 ] واختلف العلماء في حكم هذه الآية فقال بعضهم : هو خاص ، ثمَّ سلكوا في تخصيصه طريقين : أحدهما هو راجع إلى عُزير والمسيح والملائكة ، وهو قول مقاتل ويمان .

القول الثاني قالوا : هو راجع إلى أهل طاعته دون النّاس أجمعين وهذا قول ابن عبّاس والفراء ، وقال بعضهم : هو عام في جميع الخلق ثمَّ سلكوا في الكفّار الجاحدين طريقين أحدهما : إنّ ظلالهم تسجد لله وتطيعه ، وهذا قول مجاهد دليله قوله عزّ وجلّ { يَتَفَيَّؤُاْ ظِلاَلُهُ عَنِ الْيَمِينِ } [ النحل : 48 ] الآية . قال الله تعالى { وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ } [ الرعد : 15 ] .

والثاني : هذا يوم القيامة قاله السدي وتصديقه قوله تعالى : { وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ } [ طه : 111 ] .