الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{إِنَّ ٱلسَّاعَةَ ءَاتِيَةٌ أَكَادُ أُخۡفِيهَا لِتُجۡزَىٰ كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا تَسۡعَىٰ} (15)

{ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا } فأكاد صلة ، كقول الشاعر :

سريع إلى الهيجاء شاك سلاحه *** فما أن يكاد قرنه يتنفس

يعني : فما يتنفس من خوفه ، والفائدة في الإخفاء التخويف والتهويل ، قال ابن عباس وأكثرالمفسّرين : معناه أكاد أُخفيها من نفسي ، وكذلك هو في مصحف اُبي ، وفي مصحف عبد الله : أكاد أُخفيها من نفسي فكيف يعلمها مخلوق ؟ .

وفي بعض القراءات فكيف أظهرها لكم ؟ قال قطرب : فإن قيل : كيف يخفي الله من نفسه وهو خلق الإخفاء ؟ قلنا : إنّ الله سبحانه كلّم العرب بكلامهم الذي يعرفونه ، ألا ترى أنَّ الرجل يعذل أخاه فيقول له : أَذعت سرّي ، فيقول مجيباً له معتذراً إليه : والله لقد كتمت سرّك نفسي فكيف أذعته ؟ معناه عندهم : أخفيته الإخفاء كله ، وقال الشاعر :

أيام تُعجبني هند وأُخبرها *** ما أكتم النّفس من حاجي وإسراري

فكيف يخبرها ما يكتم عن نفسه ؟ فمجاز الآية على هذا .

وقرأ الحسن وسعيد بن جبير : أَخفيها بفتح الألف أي أُظهرها وأُبرزها يقال : خفيت الشيء إذا أظهرته ، وأخفيته إذا سترته ، قال امرؤ القيس :

خفاهنّ من إنفاقِهنّ كأنّما *** خفاهنّ ودق من سحاب مركّب

أي اخرجهن .

{ لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى } أي تعمل من خير وشرّ