الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَجَعَلۡنَا ٱبۡنَ مَرۡيَمَ وَأُمَّهُۥٓ ءَايَةٗ وَءَاوَيۡنَٰهُمَآ إِلَىٰ رَبۡوَةٖ ذَاتِ قَرَارٖ وَمَعِينٖ} (50)

{ وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً } دلالة على قدرتنا ، وكان حقّه أن يقول آيتين كما قال الله سبحانه

{ وَجَعَلْنَا الْلَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ } [ الإسراء : 12 ] واختلف النحاة في وجهها ، فقال بعضهم : معناه : وجعلنا كل واحد منهما آية كما قال سبحانه

{ كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا } [ الكهف : 33 ] أي آتت كلّ واحدة أُكلها وقال

{ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ } [ المائدة : 90 ] ولم يقل أرجاس ، وقال بعضهم : معناه : جعلنا شأنهما واحداً لأنّ عيسى ولد من غير أب ، وأُمّه ولدت من غير مسيس ذكر . { وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ } .

أخبرنا أبو صالح منصور بن أحمد المشطي قال : أخبرنا أبو محمد عبدالله بن محمد بن عبد الله الرازي قال : أخبرنا سلمان بن علي قال : أخبرنا هشام بن عمار قال : حدّثنا عبد المجيد عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن سلام في قول الله سبحانه { وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ } قال : دمشق ، وقال أبو هريرة : هي الرملة ، قتادة وكعب : بيت المقدس ، قال كعب : وهي أقرب الأرض الى السماء بثمانية عشر ميلاً . ابن زيد : مصر ، الضحّاك : غوطة دمشق ، أبو العالية : إيليا وهي الأرض المقدسة ، ويعني بالقرار الأرض المستوية والساحة الواسعة ، والمعين : الماء الظاهر لعين الناظر ، وهو مفعول من عانه يعينه إذا أدركه البصر ورآه ، ويجوز أن يكون فعيلاً مَعَنَ يمعن فهو مَعين من الماعون .