{ خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً * قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي } أي ما يصنع وما يفعل ، عن مجاهد وابن زيد .
وقال أبو عبيد : يقال : ما عبأت به شيئاً أي لم أعدّه ، فوجوده وعدمه سواء ، مجازه : أي مقدار لكم ، وأصل هذه الكلمة تهيئة الشيء يقال : عبّأت الجيش وعبأت الطيب أُعبّئه عبؤاً وعبواً إذا هيّأته وعملته ، قال الشاعر :
كأن بنحره وبمنكبيه عبيراًبات يعبؤه عروس
{ لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ } إيّاه ، وقيل : لولا عبادتكم ، وقيل : لولا إيمانكم . واختلف العلماء في معنى هذه الآية قال قوم : معناها قل ما يعبأ بخلقكم ربّي لولا عبادتكم وطاعتكم إيّاه ، يعني أنّه خلقكم لعبادته نظيرها قوله سبحانه
{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } [ الذاريات : 56 ] وهذا معنى قول ابن عباس ومجاهد ، قال ابن عباس في رواية الوالبي : أخبر الله سبحانه الكفّار أنّه لا حاجة لربهم بهم إذ لم يخلقهم مؤمنين ، ولو كان له بهم حاجة لحبّب إليهم الإيمان كما حبّب إلى المؤمنين .
وقال آخرون : قل ما يعبأ بعذابكم ربّي لولا دعاؤكم إيّاه في الشدائد ، بيانه
{ فَإِذَا رَكِبُواْ فِي الْفُلْكِ دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } [ العنكبوت : 65 ] ونحوها من الآيات .
وقال بعضهم : قل مايعبأ بمغفرتكم ربّي لولا دعاؤكم معه آلهة وشركاء ، بيانه قوله سبحانه وتعالى
{ مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ } [ النساء : 147 ] وهذا المعنى قول الضحّاك .
وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن حبيش قال : حدّثنا أبو القاسم بن الفضل قال : حدّثنا أبو حاتم قال : حدّثنا أبو طاهر بن السرج قال : حدّثنا موسى بن ربيعة الجمحي قال : سمعت الوليد بن الوليد يقول : بلغني أنّ تفسير هذه الآية { قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ } يقول : ما خلقتكم وبي إليكم حاجة إلاّ أن تسألوني فأغفر لكم ، وتسألوني فأعطيكم .
{ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ } يا أهل مكة .
وأخبرنا شعيب بن محمد قال : أخبرنا مكي بن عبدان قال : حدّثنا أحمد بن الأزهر قال : حدّثنا روح بن عبادة قال : حدّثنا شعبة بن عبد الحميد بن واصل قال : سمعت مسلم بن عمّار قال : سمعت ابن عباس يقرأ : فقد كذّب الكافرون { فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً } .
وبه شعبة عن أدهم يعني السدوسي عن أنّه كان خلف بن الزبير يقرأ { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ } [ الفرقان : 1 ] فلمّا أتى على هذه الآية قرأها : فقد كذّب الكافر فسوف يكون لزاماً ، ومعنى الآية فسوف يكون تكذيبهم لزاماً . قال ابن عباس : موتاً . ابن زيد : قتالاً ، أبو عبيدة : هلاكاً .
فاماينجوا من حتف أرضي *** فقد لقيا حتوفهما لزاما
وقال بعض أهل المعاني : يعني فسوف يكون جزاء يلزم كل عامل ما عمل من خير أو شر ، وقال ابن جرير : يعني عذاباً دائماً لازماً وهلاكاً مفنياً يلحق بعضكم بعضاً كقول أبي ذؤيب .
ففاجأه بعادية لزام *** كما يتفجّر الحوض اللقيف
يعني باللزام الكثير الذي يتبع بعضه بعضاً وباللفيف الحجار المنهد ، واختلفوا في اللزام ههنا فقال قوم : هو يوم بدر قُتل منهم سبعون وأُسر سبعون ، وهو قول عبد الله بن مسعود وأُبي ابن كعب وأبي مالك ومجاهد ومقاتل .
روى الأعمش عن مسلم عن مسروق قال : قال عبد الله : خمس قد مضين : الدخان واللزام والبطشة والقمر والروم . وقال آخرون : هو عذاب الآخرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.