جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَآ أَتَوۡاْ عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمۡلِ قَالَتۡ نَمۡلَةٞ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّمۡلُ ٱدۡخُلُواْ مَسَٰكِنَكُمۡ لَا يَحۡطِمَنَّكُمۡ سُلَيۡمَٰنُ وَجُنُودُهُۥ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (18)

القول في تأويل قوله تعالى : { حَتّىَ إِذَآ أَتَوْا عَلَىَ وَادِي النّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَأَيّهَا النّمْلُ ادْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } .

يعني تعالى ذكره بقوله : حتى إذَا أتَوْا عَلى وَادِي النّمْلِ حتى إذا أتى سليمان وجنوده على وادي النمل قالَتْ نَمْلَةٌ يا أيّها النّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يحْطِمَنّكُمْ سلَيْمانُ وَجُنُودُهُ يقول : لا يكسرنكم ويقتلنكم سليمان وجنوده وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ يقول : وهم لا يعلمون أنهم يحطمونكم .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ويحيى ، قالا حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن رجل يقال له الحكم ، عن عوف ، في قوله : قالَتْ نَمْلَةٌ يا أيها النّمْلُ قال : كان نمل سليمان بن داود مثل الذباب .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَآ أَتَوۡاْ عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمۡلِ قَالَتۡ نَمۡلَةٞ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّمۡلُ ٱدۡخُلُواْ مَسَٰكِنَكُمۡ لَا يَحۡطِمَنَّكُمۡ سُلَيۡمَٰنُ وَجُنُودُهُۥ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (18)

{ حتى إذا أتوا على وادي النمل } واد بالشام كثير النمل ، وتعدية الفعل إليه ب{ على } إما لأن إتيانهم كان من عال أو لأن المراد قطعة من قولهم : أتى على الشيء إذا أنفده وبلغ آخره كأنهم أرادوا أن ينزلوا أخريات الوادي . { قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم } كأنها لما رأتهم متوجهين إلى الوادي فرت عنهم مخافة حطمهم فتبعها غيرها فصاحت صيحة نبهت بها ما بحضرتها من النمال فتبعتها ، فشبه ذلك بمخاطبة العقلاء ومناصحتهم ولذلك أجروا مجراهم مع أنه لا يمتنع أن خلق الله سبحانه وتعالى فيها العقل والنطق . { لا يحطمنكم سليمان وجنوده } نهي لهم عن الحطم ، والمراد نهيها عن التوقف بحيث يحطمونها كقولهم : لا أرينك ها هنا ، فهو استئناف أو بدل من الأمر لا جواب له فإن النون لا تدخله في السعة . { وهم لا يشعرون } بأنهم يحطمونكم إذ لو شعروا لم يفعلوا كأنها شعرت عصمة الأنبياء من الظلم والإيذاء . وقيل استئناف أي فهم سليمان والقوم لا يشعرون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَآ أَتَوۡاْ عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمۡلِ قَالَتۡ نَمۡلَةٞ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّمۡلُ ٱدۡخُلُواْ مَسَٰكِنَكُمۡ لَا يَحۡطِمَنَّكُمۡ سُلَيۡمَٰنُ وَجُنُودُهُۥ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (18)

ظاهر هذه الآية أن سليمان وجنوده كانوا مشاة في الأرض ، وبذلك يتفق حطم النمل ، [ بنزولهم في وادي النمل ]{[8999]} ، ويحتمل أنهم كانوا في الكرسي المحمول بالريح وأحست النمل بنزولهم في [ واد النمل : قيل : بالشام ، وقيل بأقصى اليمن ، وهو معروف عند العرب مذكور في أشعارها ]{[9000]} ، وأمال أبو عمرو الواو من { واد } ، والجميع فخم ، وبالإمالة قرأ ابن إسحاق ، وقرأ المعتمر بن سليمان عن أبيه «النمُل » بضم الميم كالسمر ، و «قالت نَمُلة » بالضم كسمرة ، وروي عنه ضم النون والميم من «النُّمُل » ، وقال نوف البكالي{[9001]} : كانت تلك النملة على قدر الذئاب وقالت فرقة : بل كانت صغاراً .

قال القاضي أبو محمد : والذي يقال في هذا أن النمل كانت نسبتها من ذلك الخلق نسبة هذا النمل منا فيحتمل أن كان الخلق كله أكمل ، وهذه النملة قالت هذا المعنى الذي لا يصلح له إلا هذه العبارة قولاً فهمه عنها النمل ، فسمعها سليمان على بعده ، وجاءت المخاطبة كمن يعقل ، لأنها أمرتهم بما يؤمر به من يعقل ، وروي أنه كان على ثلاثة أميال .


[8999]:ما بين العلامتين [...] غير موجود في الأصول، ولكنا نقلناه عن البحر المحيط حيث نقل نص كلام ابن عطية.
[9000]:ما بين العلامتين [...] غير موجود في الأصول، ولكنا نقلناه عن البحر المحيط حيث نقل نص كلام ابن عطية.
[9001]:هو نوف بن فضالة البكالي، شامي مستور، من الثانية، مات بعد التسعين. (تقريب التهذيب).
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَآ أَتَوۡاْ عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمۡلِ قَالَتۡ نَمۡلَةٞ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّمۡلُ ٱدۡخُلُواْ مَسَٰكِنَكُمۡ لَا يَحۡطِمَنَّكُمۡ سُلَيۡمَٰنُ وَجُنُودُهُۥ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (18)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{حتى إذا أتوا على واد النمل} من أرض الشام {قالت نملة}... {يا أيها النمل ادخلوا} وهن خارجات، فقالت: ادخلوا {مساكنكم} يعني: بيوتكم {لا يحطمنكم سليمان} يعني: لا يهلكنكم سليمان {وجنوده وهم لا يشعرون}، بهلاككم، فسمع سليمان قولها...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يعني تعالى ذكره بقوله:"حتى إذَا أتَوْا عَلى وَادِي النّمْلِ" حتى إذا أتى سليمان وجنوده على وادي النمل، "قالَتْ نَمْلَةٌ يا أيّها النّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يحْطِمَنّكُمْ سلَيْمانُ وَجُنُودُهُ "يقول: لا يكسرنكم ويقتلنكم سليمان وجنوده "وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ" يقول: وهم لا يعلمون أنهم يحطمونكم.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

...وقوله تعالى: {وهو لا يشعرون} قال بعضهم: هذا من النملة ثناء على سليمان ومدح له لعدله في ملكه وسلطانه. إنه لو شعر بكم لم يحطمكم، ولم يهملكم. وقال بعضهم: {وهم لا يشعرون} أي لا يشعر جنوده كلام النمل. وعلى كل رئيس وسيد القوم أن يحفظ رعيته وحواشيه من المهالك أو ما يحملهم على الفساد...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

فإن قلت: لم عدّي {أَتَوْا} بعلى؟ قلت: يتوجه على معنيين أحدهما؛ أن إتيانهم كان من فوق، فأتى بحرف الاستعلاء...والثاني: أن يراد قطع الوادي وبلوغ آخره، من قولهم: أتى على الشيء إذا أنفذه وبلغ آخره...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان التقدير: فساروا، لأن الوزع لا يكون إلا عن سير، غياه بقوله: {حتى إذا أتوا} أي أشرفوا. ولما كان على بساطه فوق متن الريح بين السماء والأرض. عبر بأداة الاستعلاء فقال: {على واد النمل}... {قالت نملة} أي من النمل الذي بذلك الوادي: {يا أيها النمل} ولما حكى عنهم سبحانه ما هو من شأن العقلاء، عبر بضمائرهم فقال: {ادخلوا} أي قبل وصول ما أرى من الجيش {مساكنكم} ثم عللت أمرها معينة لصاحبه إذ كانت أماراته لا تخفى فقالت جواباً للأمر أو مبدلاً منه: {لا يحطمنكم} أي يكسرنكم ويهشمنكم أي لا تبرزوا فيحطمنكم. فهو نهي لهم عن البروز في صور نهيه وهو أبلغ من التصريح بنهيهم لأن من نهى كبيراً عن شيء كان لغيره أشد نهياً {سليمان وجنوده} أي فإنهم لكثرتهم إذا صاروا في الوادي استعلوا عليه فطبقوه فلم يدعوا منه موضع شبر خالياً {وهم} أي سليمان عليه السلام وجنوده {لا يشعرون} أي بحطمهم لكم لاشتغالهم بما هم فيه من أحوال السير، وتعاطي مصالحه، مع صغر أجسامكم، وخفائكم على السائر في حال اضطرابكم ومقامكم، وقولها هذا يدل على علمها بأنهم لو شعروا بهم ما آذوهم لأنهم أتباع نبي فهم رحماء.

مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير لابن باديس 1359 هـ :

(أتوا على وادي النمل): هبطوا إليه من مكان أعلى منه، وهو بالشام أو بالحجاز، لم تتوقف العبرة على تعيينه فلم يعين، وأضيف للنمل لكثرته فيه... (مساكنكم): هي قرى النمل التي يسكنها تحت وجه الأرض، المحكمة الوضع والتركيب والتقسيم. ولذلك قيل فيها: مساكن: ولم يقل غيران. لا يحطمنكم): لا يكسرنكم بالحوافر والأقدام (لا يشعرون): لا يحسون بوجودكم... (لا يحطمنك): نهتهم عن أن يحطمهم، والحطم ليس من فعلهم حتى ينهوا عنه، وإنما المعنى لا تكونوا خارج مساكنكم فيحطمكم، فنهتهم عن السبب، والمراد النهي عن السبب، لما في ذلك من الإيجاز المناسب لسرعة الإنذار لسرعة النجاة، ولما في ذكر المسبب، وهو الحطم من التخويف الحامل على الإسراع إلى الدخول. والجملة مؤكدة للأولى فكأنها قالت: ادخلوا مساكنكم لا تبقوا خارجها.