{ حتى إِذَا أَتَوْا على وَادِي النمل } حتى هي التي يبتدأ بعدها الكلام ، ويكون غاية لما قبلها ، والمعنى : فهم يوزعون إلى حصول هذه الغاية وهو إتيانهم على واد النمل : أي فهم يسيرون ممنوعاً بعضهم من مفارقة بعض حتى إذا أتوا إلخ ، و { على واد النمل } متعلق ب { أتوا } ، وعدّي بعلى ؛ لأنهم كانوا محمولين على الريح فهم مستعلون . والمعنى : أنهم قطعوا الوادي وبلغوا آخره ، ووقف القراء جميعهم على واد بدون ياء اتباعاً للرسم حيث لم تحذف لالتقاء الساكنين كقوله : { الذين جَابُواْ الصخر بالواد } [ الفجر : 9 ] إلاّ الكسائي فإنه وقف بالياء ، قال : لأن الموجب للحذف إنما هو التقاء الساكنين بالوصل . قال كعب : واد النمل بالطائف . وقال قتادة ومقاتل : هو بالشام { قَالَتْ نَمْلَةٌ } هذا جواب إذا ، كأنها لما رأتهم متوجهين إلى الوادي فرت ونبهت سائر النمل منادية لها قائلة : { ياأَيُّهَا النمل ادخلوا مساكنكم } جعل خطاب النمل كخطاب العقلاء لفهمها لذلك الخطاب ، والمساكن هي الأمكنة التي يسكن النمل فيها .
قيل وهذه النملة التي سمعها سليمان هي أنثى بدليل تأنيث الفعل المسند إليها . وردّ هذا أبو حيان ، فقال : لحاق التاء في قالت لا يدلّ على أن النملة مؤنثة ، بل يصحّ أن يقال في المذكر قالت ، لأن نملة وإن كانت بالتاء فهي مما لا يتميز فيه المذكر من المؤنث بتذكير الفعل ولا بتأنيثه ، بل يتميز بالإخبار عنه بأنه ذكر ، أو أنثى ، ولا يتعلق بمثل هذا كثير فائدة ، ولا بالتعرّض لاسم النملة ، ولما ذكر من القصص الموضوعة ، والأحاديث المكذوبة . قرأ الحسن وطلحة ومعمر بن سليمان " نملة " والنمل بضم الميم وفتح النون بزنة رجل وسمرة . وقرأ سليمان التيمي بضمتين فيهما .
{ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سليمان وَجُنُودُهُ } الحطم : الكسر ، يقال حطمته حطماً : أي كسرته كسراً ، وتحطم : تكسر ، وهذا النهي هو في الظاهر للنمل ، وفي الحقيقة لسليمان ، فهو من باب : لا أرينك هاهنا ، ويجوز أن يكون بدلاً من الأمر ، ويحتمل أن يكون جواباً للأمر .
قال أبو حيان : أما تخريجه على جواب الأمر ، فلا يكون إلاّ على قراءة الأعمش ، فإنه قرأ : " لا يحطمكم " بالجزم بدون نون التوكيد ، وأما مع وجود نون التوكيد ، فلا يجوز ذلك إلاّ في الشعر . قال سيبويه : وهو قليل في الشعر ، شبهوه بالنهي حيث كان مجزوماً . وقرأ أبيّ : " ادخلوا مساكنكنّ " وقرأ شهر بن حوشب " مسكنكم " وقرأ الحسن وأبو رجاء وقتادة وعيسى الهمداني : " لا يحطمنكم " بضمّ الياء وفتح الحاء وتشديد الطاء . وقرأ ابن أبي إسحاق ويعقوب وأبو عمرو في رواية بسكون نون التوكيد وجملة : { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } في محل نصب على الحال من فاعل { يحطمنكم } أي لا يشعرون بحطمكم ولا يعلمون بمكانكم ، وقيل إن المعنى : والنمل لا يشعرون أن سليمان يفهم مقالتها ، وهو بعيد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.