النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{حَتَّىٰٓ إِذَآ أَتَوۡاْ عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمۡلِ قَالَتۡ نَمۡلَةٞ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّمۡلُ ٱدۡخُلُواْ مَسَٰكِنَكُمۡ لَا يَحۡطِمَنَّكُمۡ سُلَيۡمَٰنُ وَجُنُودُهُۥ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (18)

قوله تعالى : { حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ } قال قتادة : ذكر لنا أنه وادٍ بأرض الشام . وقال كعب : وهو بالطائف .

{ قَالَتْ نَمَلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُم } قال الشعبي : كان للنملة جناحان فصارت من الطير ، فلذلك علم منطقها ، ولولا ذلك ما علمه .

{ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ } أي لا يهلكنكم .

{ وَهُمُ لاَ يَشعُرُونَ } فيه وجهان :

أحدهما : والنمل لا يشعرون بسليمان وجنوده ، قاله يحيى بن سلام .

الثاني : وسليمان وجنوده لا يشعرون بهلاك النمل . وسميت النملة نملة لتنملها وهو كثرة حركتها وقلة قرارها . وقيل إن النمل أكثر جنسه حساً لأنه إذا التقط الحبة من الحنطة والشعير للادخار قطعها اثنين لئلا تنبت ، وإن كانت كزبرة قطعها أربع قطع لأنها تنبت إذا قطعت قطعتين . فألهم بحسه فرق ما بين الأمرين فلهذا الحس قالت : { لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ } فحكي أن الريح أطارت كلامها إلى سليمان حتى سمع قولها من ثلاثة أميال فانتهى إليها وهي تأمر النمل بالمغادرة .