ثم قال : { حتى إذا أتوا على واد النمل }[ 18 ] ، يعني{[51965]} أتى سليمان وجنوده على واد النمل ، وهو واد كان بالشام نمله{[51966]} على قذر الذباب{[51967]} ، { قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم } أي بيوتكم { لا يحطمنكم سليمان وجنوده }[ 18 ] ، أي يكسرنكم . { وهم لا يشعرون }[ 18 ] ، أي يكسرونكم بوطئهم غير عالمين بكم . فتكون الجملة في موضع الحال{[51968]} من سليمان وجنوده ، والعامل في الحال يحطمنكم ، ويجوز أن تكون الجملة حالا من النملة ، ويكون{[51969]} العامل في الحال : قالت أي{[51970]} قالت نملة ذلك في حال غفلة الجنود ، كما تقول{[51971]} : قلت خيرا والناس نيام .
وقيل : إن قوله : { وهم لا يشعرون }[ 18 ] ، راجع إلى النمل . أي والنمل لا يشعر{[51972]} أن سليمان يفهم مقالتها ، فتكون{[51973]} حالا من النملة{[51974]} أيضا والعامل فيه : قالت . كما تقول : شتمتك وأنا غير عالم بك . أي شتمتك في حال{[51975]} جهلي{[51976]} بك . ولما فهم{[51977]} سليمان قول النمل{[51978]} وصارت بمنزلة من يعقل في الفهم عنها ، أخبر عنها كما يخبر عن من يعقل ، فلذلك قال : { قالت } ، وقال : { ادخلوا } ولذلك أضاف إلى الطير منطقا في قوله : { علمنا منطق الطير }[ 16 ] .
وروي : أن الله جل ذكره : فهم سليمان كلام الإنس باختلاف{[51979]} لغاتها ، وفهمه كلام الطير{[51980]} والبهائم ، وكان إذا أراد أن يسير على الأرض أمر بالكرسي فوضع له فجلس عليه ، ثم أمر بكراسي فوضعت لأصحابه فأجلس عليها من أراد ، فالذين يلونه الإنس ، ثم الجن ، ثم الشياطين{[51981]} ثم يأمر{[51982]} الريح فتحملهم بين السماء والأرض ، وإذا أراد صار على الخيل في الأرض{[51983]} ، فبينما سليمان ذات يوم{[51984]} يسير بين أيدي الناس على الأرض ، ورجلان معه أحدهما ختنه{[51985]} : زوج ابنته ، والآخر عن يساره من أهل مملكته كريم عليه ، ولم يكن أحد يسير بين يديه تواضعا لله ، إذ مر على واد النمل وهو واد{[51986]} فيه نمل ، فسمع نملة تقول : { يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده }[ 18 ] ، وكان{[51987]} قد أعطى الله سليمان زيادة في ملكه ألا يذكره{[51988]} أحد إلا حملت الريح ذلك الكلام إليه حتى يسمعه ، فلما فهم سليمان كلام النمل تبسم ووقف فوقف الناس معه ، فقال الرجلان : ما يضحك نبي الله ؟ فأخبرهما بكلام النملة ، فلم يزل واقفا حتى دخلت النمل{[51989]} مساكنها ثم سار{[51990]} .
وروى الأعمش عن{[51991]} نوف{[51992]} أنه قال : كانت نمل{[51993]} سليمان أمثال الذباب ، وكانت هذه النملة مثل الذيب في العظم{[51994]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.