جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنۡ حَيۡثُ أَمَرَهُمۡ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغۡنِي عَنۡهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيۡءٍ إِلَّا حَاجَةٗ فِي نَفۡسِ يَعۡقُوبَ قَضَىٰهَاۚ وَإِنَّهُۥ لَذُو عِلۡمٖ لِّمَا عَلَّمۡنَٰهُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (68)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَمّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِلاّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنّهُ لَذُو عِلْمٍ لّمَا عَلّمْنَاهُ وَلََكِنّ أَكْثَرَ النّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ولما دخل ولد يعقوب مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ وذلك دخولهم مصر من أبواب متفرّقة . ما كانَ يُغْنِي دخولهم إياها كذلك عَنْهُمْ مِنَ قضاء اللّهِ الذي قضاه فيهم فحتمه ، مِنْ شَيْءٍ إلاّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعَقُوبَ قَضَاها إلا أنهم قضوا وطرا ليعقوب بدخولهم لا من طريق واحد خوفا من العين عليهم ، فاطمأنت نفسه أن يكونوا أُوتُوا من قبل ذلك أو نالهم من أجله مكروه . كما :

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : إلاّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاها خيفة العين على بنيه .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

قال : أخبرنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : إلاّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاها قال : خشية العين عليهم .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قوله : إلاّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاها قال : ما تخوّف على بنيه من أعين الناس لهيبتهم وعدتهم .

وقوله : وإنّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلّمْناهُ يقول تعالى ذكره : وإن يعقوب لذو علم لتعليمنا إياه . وقيل : معناه وإنه لذو حفظ لما استودعنا صدره من العلم . واختلف عن قتادة في ذلك :

فحدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَإِنّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلّمْناهُ : أي مما علمناه .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله بن الزبير ، عن سفيان ، عن ابن أبي عَرُوبة عن قتادة : وَإنّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلّمْناهُ قال : إنه لعامل بما علم .

قال : المثنى ، قال إسحاق ، قال عبد الله ، قال سفيان : إنه لذو علم مما علمناه ، وقال : من لا يعمل لا يكون عالما .

وَلَكِنّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ يقول جلّ ثناؤه : ولكن كثيرا من الناس غير يعقوب ، لا يعلمون ما يعلمه ، لأنا حَرَمناه ذلك فلم يعلمه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنۡ حَيۡثُ أَمَرَهُمۡ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغۡنِي عَنۡهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيۡءٍ إِلَّا حَاجَةٗ فِي نَفۡسِ يَعۡقُوبَ قَضَىٰهَاۚ وَإِنَّهُۥ لَذُو عِلۡمٖ لِّمَا عَلَّمۡنَٰهُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (68)

{ ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم } أي من أبواب متفرقة في البلد . { ما كان يُغني عنهم } رأي يعقوب واتباعهم له . { من الله من شيء } مما قضاه عليهم كما قال يعقوب عليه السلام . فسُرقوا وأخذ بنيامين بوجدان الصواع في رحله وتضاعف المصيبة على يعقوب . { إلا حاجة في نفس يعقوب } استثناء منقطع أي ولكن حاجة في نفسه ، يعني شفقته عليهم وحرازته من أن يعانوا . { قضاها } أظهرها ووصى بها . { وإنه لذو علم لما علمناه } بالوحي ونصب الحجج ، ولذلك ولذلك قال { وما أغنى عنكم من الله من شيء } ولم يغتر بتدبيره . { ولكن أكثر الناس لا يعلمون } سر القدر وأنه لا يغني عنه الحذر .