جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{أَفَحَسِبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِي مِن دُونِيٓ أَوۡلِيَآءَۚ إِنَّآ أَعۡتَدۡنَا جَهَنَّمَ لِلۡكَٰفِرِينَ نُزُلٗا} (102)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَفَحَسِبَ الّذِينَ كَفَرُوَاْ أَن يَتّخِذُواْ عِبَادِي مِن دُونِيَ أَوْلِيَآءَ إِنّآ أَعْتَدْنَا جَهَنّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً } .

يقول عزّ ذكره : أفظن الذين كفروا بالله من عبدة الملائكة والمسيح ، أن يتخذوا عبادي الذين عبدوهم من دون الله أولياء ، يقول كلا بل هم لهم أعداء . وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثنى حجاج ، عن ابن جريج ، في قوله : أفَحَسِبَ الّذينَ كَفَرُوا أنْ يَتّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أوْلِياءَ قال : يعني من يعبد المسيح ابن مريم والملائكة ، وهم عباد الله ، ولم يكونوا للكفار أولياء . وبهذه القراءة ، أعني بكسر السين من أفَحَسبَ بمعنى الظنّ قرأت هذا الحرف قرّاء الأمصار . ورُوي عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وعكرِمة ومجاهد أنهم قرءوا ذلك أفَحَسْبُ الّذيِنَ كَفَرُوا بتسكين السين ، ورفع الحرف بعدها ، بمعنى : أفحسبهم ذلك : أي أفكفاهم أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء من عباداتي وموالاتي . كما :

حُدثت عن إسحاق بن يوسف الأزرق ، عن عمران بن حدير ، عن عكرمة أفَحَسْبُ الّذينَ كَفَرُوا قال : أفحسبهم ذلك .

والقراءة التي نقرؤها هي القراءة التي عليها قرّاء الأمصار أفَحَسِبَ الّذِينَ بكسر السين ، بمعنى أفظنّ ، لإجماع الحجة من القرّاء عليها .

وقوله : إنّا أعْتَدْنا جَهَنّمَ للْكافِرِينَ نُزُلاً يقول : أعددنا لمن كفر بالله جهنم منزلاً .