الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{أَفَحَسِبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِي مِن دُونِيٓ أَوۡلِيَآءَۚ إِنَّآ أَعۡتَدۡنَا جَهَنَّمَ لِلۡكَٰفِرِينَ نُزُلٗا} (102)

قوله : { أَفَحَسِبَ } : العامَّةُ على كسرِ السين وفتح الباء فعلاً ماضياً . و { أَن يَتَّخِذُواْ } سادٌّ مَسَدَّ المفعولين . وقرأ أمير المؤمنين على بن أبي طالب وزيد علي وابن كثير ويحيى بن يعمر في آخرين ، بسكون السينِ ورفعِ الباءِ على الابتداء ، والخبر " أَنْ " وما في حَيَّزها .

وقال الزمخشري : " أو على الفعلِ والفاعلِ لأن اسمَ الفاعلِ إذا اعتمد على الهمزةِ ساوى الفعلَ كقولك : " أقائمٌ الزيدان " وهي قراءةٌ مُحْكَمةٌ جيدةٌ " .

قال الشيخ : والذي يظهرُ أنَّ هذا الإِعرابَ لا يجوزُ لأنَّ حَسْباً ليس باسمِ فاعل فيعمل ، ولا يلزم مِنْ تفسير شيءٍ بشيء أن تجريَ عليه / أحكامُه . وقد ذكر سيبويه أشياءَ مِنَ الصفات التي تجري مَجْرى الأسماءِ ، وأنَّ الوجهَ فيها الرفعُ . ثم قال : وذلك نحو : مررتُ برجلٍ خيرٌ [ منه ] أبوه ، ومررتُ برجلٍ سواءٌ عليه الخيرُ والشرُّ ، ومررت برجلٍ أبٌ له صاحبُه ، ومررت برجلٍ حَسْبُك مِنْ رجلٍ هو ، ومررت برجلٍ أيُّما رجلٍ هو . ثم قال الشيخ : " ولا يَبْعُدُ أَنْ يُرْفَعَ به الظاهرُ ، فقد أجازوا في " مررت برجلٍ أبي عشرةٍ أبوه " ان يرتفعَ " أبوه " بأبي عشرة لأنه في معنى والدِ عشرة " .

قوله : " نزلاً " فيه أوجهٌ ، أحدها : أنه منصوبٌ على الحالِ جمعَ " نازِل " نحوشارِف وشُرُف . الثاني : أنه اسمُ موضعِ النزول . الثالث : أنَّه اسمُ ما يُعَدُّ للنازلين من الضيوفِ ، ويكونُ على سبيلِ التهكُّم بهم ، كقولِه تعالى :

{ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ آل عمران : 21 ] ، وقوله :

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** تحيَّةُ بينِهم ضَرْبٌ وجميعُ

ونصبُه على هذين الوجهين مفعولاً به : أي : صَيَّرنا .

وأبو حيوة " نُزلاً " بسكونِ الزاي ، وهو تخفيفُ الشهيرةِ .