مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{أَفَحَسِبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِي مِن دُونِيٓ أَوۡلِيَآءَۚ إِنَّآ أَعۡتَدۡنَا جَهَنَّمَ لِلۡكَٰفِرِينَ نُزُلٗا} (102)

قوله تعالى :{ أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا . قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا . الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا . أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا . ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا } وفيه مسائل :

المسألة الأولى : اعلم أنه تعالى لما بين من حال الكافرين أنهم أعرضوا عن الذكر وعن استماع ما جاء به الرسول أتبعه بقوله : { أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء } والمراد أفظنوا أنهم ينتفعون بما عبدوه مع إعراضهم عن تدبر الآيات وتمردهم عن قبول أمره وأمر رسوله وهو استفهام على سبيل التوبيخ .

المسألة الثانية : قرأ أبو بكر ولم يرفعه إلى عاصم : { أفحسب الذين كفروا } بسكون السين ورفع الباء . وهي من الأحرف التي خالف فيها عاصما ، وذكر أنه قراءة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وعلى هذا التقدير فقوله : حسب مبتدأ ، أن يتخذوا خبر ، والمعنى أفكافيهم وحسبهم أن يتخذوا كذا وكذا ، وأما الباقون فقرأوا فحسب على لفظ الماضي ، وعلى هذا التقدير ففيه حذف والمعنى : أفحسب الذين كفروا اتخاذ عبادي أولياء نافعا .

المسألة الثالثة : في العباد أقوال قيل : أراد عيسى والملائكة ، وقيل : هم الشياطين يوالونهم ويطيعونهم ، وقيل : هي الأصنام سماهم عبادا كقوله : { عباد أمثالكم } ، ثم قال تعالى : { إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا } وفي النزل قولان : الأول : قال الزجاج إنه المأوى والمنزل . والثاني : أنه الذي يقام للنزيل وهو الضيف ، ونظيره قوله : { فبشرهم بعذاب أليم }