ثم بين - سبحانه - بعد ذلك سوء عاقبة من يقتل مؤمناً متعمداً فقال : { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ الله عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً } .
أى : { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً } قتله { فَجَزَآؤُهُ } الذى يستحقه بسبب هذه الجناية الكبيرة { جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا } أى باقيا فيها مدة طويلة لا يعلم مقدارها إلا الله { وَغَضِبَ الله عَلَيْهِ } بسبب ما ارتكبه من منكر { وَلَعَنَهُ } أى طرده من رحمته { وَأَعَدَّ لَهُ } من وراء ذلك كله { عَذَاباً عَظِيماً } يوم القيامة .
هذا وقد ساق المفسرون جملة من الآيات والأحاديث التى تهدد مرتكب هذه الكبيرة بالعذاب الشديد ؛ واختلفوا فى حكمها هل هى هى منسوخة أولا ؟ وهل للقاتل عمداً توبة أولا ؟ وقد أفاض الإِيمام ابن كثير فى بيان كل ذلك فقال ما ملخصه :
" هذا تهديد شديد ووعيد أكيد لمن تعاطى هذا الذنب العظيم والذى هو مقرون بالشرك بالله فى غير ما آية . قال - تعالى - { والذين لاَ يَدْعُونَ مَعَ الله إلها آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النفس التي حَرَّمَ الله إِلاَّ بالحق } والأحاديث فى تحريم القتل كثيرة جدا . فمن ذلك ما ثبت فى الصحيحين عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة فى الدماء " وروى أبو داود عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يزال المؤمن معتقا - أى خفيف الظهر ، سريع السير - ما لم يصب دما حراما . فإذا أصاب دما حراما بلح " أى : أعيا وانقطع .
وفى حديث آخر : " لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم " .
ثم قال : وقد كان ابن عباس يرى أنه لا توبة لقاتل المؤمن عمدا .
وقال البخارى : حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا المغيرة بن النعمان قال :
سمعت ابن جبير قال : اختلف فيها أهل الكوفة . فرحلت فيها إلى ابن عباس فسألته عنها . فقال : نزلة هذه الآية . { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً } هى آخر ما نزل وما نسخها شئ .
وروى ابن جرير أيضا عن سعيد بن جبير قال . سألت ابن عباس عن قوله - تعالى - { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً } . فقال : إن الرجل إذا عرف الإِسلام ، وشرائع الإِسلام ، ثم قتل مؤمنا متعمداً فجزاؤه جهنم ؛ ولا توبة له .
ثم قال : والذى عليه الجمهور من سلف الأمة وخلفها . أن القتل له توبة فيما بينه وبين الله - تعالى - فإن تاب وأناب وخشع وخضع وعمل عملا صالحا بدل الله سيئاته حسنات ، وعوض المقتول من ظلامته وأرضاه عن ظلامته .
قال الله - تعالى - { إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ } فهذه الآية عامة فى جميع الذنوب ما عدا الشرك . وهى مذكورة فى هذه السورة الكريمة بعد هذه الآية وقبلها لتقوية الرجاء .
والمراد بالخلود هنا المكث الطويل . وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يخرج من النار من كان فى قلبه أدنى مثقال ذرة من إيمان .
وأما ما نقل عن بعض السلف من خلاف هذه فمراد قائله الزجر والتوبة لا أنه لا يعتقد بطلان توبته .
والآية الكريمة { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ } . الصواب فى معناها : أن جزاءه جهنم . فقد يجازى بذلك وقد يجازى بغيره . وقد لا يجازى بل يعفى عنه . فإن قتل عمدا مستحلا بغير حق ولا تأويل فهو كافر مرتد . يخلد فى جهنم بالإِجماع . وإن كان غير مستحل بل معتقدا تحريمه فهو فاسق عاص . مرتكب كبيرة جزاؤه جهنم خالدا فيها . ولكن تفضل - سبحانه - فأخبر أنه لا يخلد فيها من مات موحداً فلا يخلد هذا . وقد يعفى عنه ولا يدخل النار أصلا . وقد لا يعفى عنه بل يعذب كسائر العصاة الموحدين . ثم يخرج معهم إلى الجنة ولا يخلد فى النار . فهذا هو الصواب فى معنى الآية .
وبهذا نرى أن الآية الكريمة تنهى المؤمن نهيا قاطعا عن أن يمد يده بالسوء لقتل نفس حرم الله قتلها إلا بالحقن وتتوعد لاذى يفعل ذلك بغضب الله عليه وطرده من رحمته ، وإلحاق العذاب العظيم به يوم القيامة .
وبعد هذا التحذير الشديد من قتل النفس بغير حق ، وجه القرآن نداء إلى المؤمنين نهاهم فيه عن القتل بدون تبين أو تثبت من أجل التوصل إلى عرض من أعراض الدنيا الفانية ، فقال - تعالى - : { يَا أَيُّهَا الذين . . . } .
ثم لما بين تعالى حكم القتل الخطأ ، شرع في بيان حكم القتل العمد ، فقال : { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا [ فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ] }{[8016]} وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لمن تعاطى هذا الذنب العظيم ، الذي هو مقرون بالشرك بالله في غير ما آية في كتاب الله ، حيث يقول ، سبحانه ، في سورة الفرقان : { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ [ وَلا يَزْنُونَ ]{[8017]} } الآية [ الفرقان : 68 ] وقال تعالى : { قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا } [ إلى أن قال :
{ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }{[8018]} [ الأنعام : 151 ] .
والأحاديث في تحريم القتل كثيرة جدا . من ذلك ما ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء " {[8019]} وفي الحديث الآخر الذي رواه أبو داود ، من رواية عمرو بن الوليد بن عبدة المصري ، عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يزال المؤمن مُعنقا{[8020]} صالحا ما لم يصب دما حراما ، فإذا أصاب دما حراما بَلَّح " {[8021]} وفي حديث آخر : " لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم " {[8022]} وفي الحديث الآخر : " لو أجمع{[8023]} أهل السموات والأرض على قتل رجل مسلم ، لأكبهم الله في النار " {[8024]} وفي الحديث الآخر : " من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة ، جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه : آيس من رحمة الله " {[8025]} .
وقد كان ابن عباس ، رضي الله عنهما ، يرى أنه لا توبة للقاتل عمدا لمؤمن .
وقال البخاري : حدثنا آدم ، حدثنا شعبة ، حدثنا مغيرة بن النعمان قال : سمعت ابن جبير قال : اختلف فيها أهل الكوفة ، فَرَحَلْتُ إلى ابن عباس فسألته عنها فقال : نزلت هذه الآية : { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ [ خَالِدًا ]{[8026]} } هي آخر ما نزل{[8027]} وما نسخها شيء .
وكذا رواه هو أيضا ومسلم والنسائي من طرق ، عن شعبة ، به{[8028]} ورواه أبو داود ، عن أحمد بن حنبل ، عن ابن مهدي ، عن سفيان الثوري ، عن مغيرة بن النعمان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في{[8029]} قوله : { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا } فقال : لم ينسخها شيء .
[ وقال ابن جرير : حدثنا ابن بشار حدثنا ابن أبي عدي حدثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير قال : قال عبد الرحمن بن أبزة : سئل ابن عباس عن قوله : { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا } فقال : لم ينسخها شيء ]{[8030]} وقال في هذه الآية : { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ [ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ] {[8031]} } [ الفرقان : 68 ] قال نزلت في أهل الشرك{[8032]} .
وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير ، عن منصور ، حدثني سعيد بن جبير - أو حدثنى الحكم ، عن سعيد بن جبير - قال : سألت ابن عباس عن قوله [ تعالى ]{[8033]} { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ } قال : إن الرجل إذا عرف الإسلام وشرائع الإسلام ، ثم قتل مؤمنا متعمدا ، فجزاؤه جهنم ولا توبة له . فذكرت ذلك لمجاهد فقال : إلا من ندم .
حدثنا ابن حميد ، وابن وَكِيع قالا حدثنا جرير ، عن يحيى الجابر ، عن سالم بن أبي الجَعْد قال : كنا عند ابن عباس بعد ما كُف بصره ، فأتاه رجل فناداه : يا عبد الله بن عباس ، ما ترى في رجل قتل مؤمنا متعمدا ؟ فقال : { جَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا } قال : أفرأيت إن تاب وعمل صالحا ثم اهتدى ؟ قال ابن عباس : ثكلته أمه ، وأنى له التوبة والهدى ؟ والذي نفسي بيده ! لقد سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول : " ثكلته أمه ، قاتل مؤمن{[8034]} متعمدا ، جاء يوم القيامة آخذه بيمينه أو بشماله ، تشخب أوداجه دمًا في قُبُل عرش الرحمن ، يلزم قاتله بشماله بيده الأخرى ، يقول : سل هذا فيم قتلني " {[8035]} ؟ وايم الذي نفس عبد الله بيده ! لقد أنزلت هذه الآية ، فما نسختها من آية حتى قبض نبيكم صلى الله عليه وسلم ، وما نزل بعدها من برهان .
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، سمعت يحيى بن المُجَبَّر يحدث عن سالم بن أبي الجعد ، عن ابن عباس ؛ أن رجلا أتاه فقال : أرأيت رجلا قتل رجلا متعمدا ؟ فقال : { جَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا [ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ]{[8036]} } قال : لقد نزلت في آخر ما نزل ، ما نسخها شيء حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما نزل وحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : أرأيت إن تاب وآمن وعمل صالحًا ثم اهتدى ؟ قال : وأنى له بالتوبة . وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم . يقول : " ثكلته أمه ، رجل قتل رجلا متعمدا ، يجيء يوم القيامة آخذا قاتله بيمينه أو بيساره - وآخذا رأسه بيمينه أو بشماله - تَشْخَب أوداجه دما من قبل العرش يقول : يا رب ، سل عبدك فيم قتلني ؟ " .
وقد رواه النسائي عن قتيبة{[8037]} وابن ماجه عن محمد بن الصباح ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمار الدُّهني ، ويحيى الجابر وثابت الثمالي{[8038]} عن سالم بن أبي الجعد ، عن ابن عباس ، فذكره{[8039]} وقد روي هذا عن ابن عباس من طرق كثيرة .
وممن ذهب إلى أنه لا توبة له من السلف : زيد بن ثابت ، وأبو هريرة ، وعبد الله بن عمر ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وعبيد بن عمر ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك بن مزاحم ، نقله ابن أبي حاتم .
وفي الباب أحاديث كثيرة : من ذلك ما رواه أبو بكر بن مردويه الحافظ في تفسيره : حدثنا دَعْلَج بن أحمد ، حدثنا محمد بن إبراهيم بن سعيد البُوشَنْجي وحدثنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا إبراهيم بن فهد قالا حدثنا عبيد بن عبيدة ، حدثنا مُعْتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن الأعمش ، عن أبي عمرو بن شُرَحْبِيل ، عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يجيء المقتول متعلقا بقاتله يوم القيامة ، آخذًا رأسه بيده الأخرى فيقول : يا رب ، سل هذا فيم قتلني ؟ " قال : " فيقول : قتلته لتكون العزة لك . فيقول : فإنها لي " . قال : " ويجيء آخر متعلقا بقاتله فيقول : رب ، سل هذا فيم قتلني ؟ " قال : " فيقول قتلته لتكون العزة لفلان " . قال : " فإنها ليست له بؤْ بإثمه " . قال : " فيهوى في النار سبعين خريفا " .
وقد رواه عن النسائي ، عن إبراهيم بن المُسْتَمِرِّ العَوْفي ، عن عمرو بن عاصم ، عن معتمر بن سليمان ، به{[8040]}
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا صفوان بن عيسى ، حدثنا ثور بن يزيد ، عن أبي عون ، عن أبي إدريس قال : سمعت معاوية ، رضي الله عنه ، يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافرا ، أو الرجل يقتل مؤمنا متعمدا " .
وكذا رواه النسائي ، عن محمد بن المثنى ، عن صفوان بن عيسى ، به{[8041]} .
وقال ابن مردويه : حدثنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا سَمُّوَيْه ، حدثنا عبد الأعلى بن مُسْهِر ، حدثنا صَدَقَةُ بن خالد ، حدثنا خالد بن دِهْقان ، حدثنا ابن أبي زكريا قال : سمعت أم الدرداء تقول : سمعت أبا الدرداء يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركا ، أو من قتل مؤمنا متعمدا " .
وهذا غريب جدا من هذا الوجه . والمحفوظ حديث معاوية المتقدم{[8042]} فالله أعلم .
ثم روى ابن مَردويه من طريق بَقَيَّةَ بن الوليد ، عن نافع بن يزيد ، حدثني ابن جبير الأنصاري ، عن داود بن الحُصَين ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قتل مؤمنا متعمدا فقد كفر بالله عز وجل " .
وهذا حديث منكر أيضا ، وإسناده تُكُلم{[8043]} فيه جدا{[8044]} .
وقال الإمام أحمد : حدثنا النضر ، حدثنا سليمان بن المغيرة ، حدثنا حميد قال : أتاني أبو العالية أنا وصاحب لي ، فقال لنا : هلما فأنتما أشب شيئًا مني ، وأوعى للحديث مني ، فانطلق بنا إلى بِشْر بن عاصم - فقال له أبو العالية : حدث هؤلاء حديثك . فقال : حدثنا عقبة بن مالك الليثي قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية ، فأغارت على قوم ، فشد من القوم رجل ، فاتبعه رجل من السرية شاهرا سيفه فقال الشاد من القوم : إني مسلم . فلم ينظر فيما قال ، فضربه فقتله ، فَنَمَى الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال فيه قولا شديدا ، فبلغ القاتلَ . فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ، إذ قال القاتلُ : والله ما قال الذي قال إلا تعوذا من القتل . قال : فأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وعمن قبله من الناس ، وأخذ في خطبته ، ثم قال أيضا : يا رسول الله ، ما قال الذي قال إلا تعوذا من القتل ، فأعرض عنه وعمن قبله من الناس ، وأخذ في خطبته ، ثم لم يصبر ، فقال الثالثة : والله يا رسول الله ما قال إلا تعوذا من القتل .
فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم تُعْرف المساءةُ في وجهه ، فقال : " إن الله أبى على من قتل مؤمنا " ثلاثًا .
ورواه النسائي من حديث سليمان بن المغيرة{[8045]}
والذي عليه الجمهور من سلف الأمة وخلفها : أن القاتل له توبة فيما بينه وبين ربه عز وجل ، فإن تاب وأناب وخشع وخضع ، وعمل عملا صالحا ، بدل الله سيئاته حسنات ، وعوض المقتول من ظلامته وأرضاه عن طلابته .
قال الله تعالى : { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ [ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ]{[8046]} . إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا [ فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ]{[8047]} } [ الفرقان : 68 ، 69 ] وهذا خبر لا يجوز نسخه . وحمله على المشركين ، وحمل هذه الآية على المؤمنين خلاف الظاهر ، ويحتاج حمله إلى دليل ، والله أعلم .
وقال تعالى : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ [ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ]{[8048]} } [ الزمر : 53 ] وهذا عام في جميع الذنوب ، من كفر وشرك ، وشك ونفاق ، وقتل وفسق ، وغير ذلك : كل من تاب من أي ذلك تاب الله عليه .
وقال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } [ النساء : 48 ] . فهذه الآية عامة في جميع الذنوب ما عدا الشرك ، وهي مذكورة في هذه السورة الكريمة بعد هذه الآية وقبلها ، لتقوية الرجاء ، والله أعلم .
وثبت في الصحيحين خبر الإسرائيلي الذي قتل مائة نفس ، ثم سأل عالما : هل لي من توبة ؟ فقال : ومن يحول بينك وبين التوبة ؟ ! ثم أرشده إلى بلد يَعْبد الله فيه ، فهاجر إليه ، فمات في الطريق ، فقبضته ملائكة الرحمة . كما ذكرناه غير مرة ، إن{[8049]} كان هذا في بني إسرائيل فَلأن يكون في هذه الأمة التوبة مقبولة بطريق الأولى والأحرى ؛ لأن الله وضع عنا الأغلال والآصار التي كانت عليهم ، وبعث نبينا بالحنيفية السمحة . فأما الآية الكريمة ، وهي قوله تعالى : { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا [ فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ]{[8050]} } فقد قال أبو هريرة وجماعة من السلف : هذا جزاؤه إن جازاه ، وقد رواه ابن مردويه مرفوعا ، من طريق محمد بن جامع العطار ، عن العلاء بن ميمون العنبري ، عن حجاج الأسود ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة مرفوعا ، ولكن لا يصح{[8051]} ومعنى هذه الصيغة : أن هذا جزاؤه إن جوزي عليه ، وكذا كل وعيد على ذنب ، لكن قد يكون كذلك مُعَارض من أعمال صالحة تمنع وصول ذلك الجزاء إليه ، على قولي أصحاب الموازنة أو الإحباط . وهذا أحسن ما يسلك في باب الوعيد ، والله أعلم بالصواب . وبتقدير دخول القاتل إلى النار ، أما على قول ابن عباس ومن وافقه أنه لا توبة له ، أو على قول الجمهور حيث لا عمل له صالحا{[8052]} ينجو به ، فليس يخلد فيها أبدًا ، بل الخلود هو المكث الطويل . وقد تواردت{[8053]} الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه يخرج من النار من كان في قلبه أدنى ذرة{[8054]} من إيمان . وأما حديث معاوية : " كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافرا ، أو الرجل يقتل مؤمنا متعمدا " : " عسى " للترجي ، فإذا انتفى الترجي في هاتين الصورتين لا ينتفي وقوع ذلك في أحدهما ، وهو القتل ؛ لما ذكرنا من الأدلة . وأما من مات كافرا ؛ فالنص أنه لا يغفر له البتة ، وأما مطالبة المقتول القاتل يوم القيامة فإنه حق من حقوق الآدميين وهي لا تسقط بالتوبة ، ولا فرق بين المقتول والمسروق منه ، والمغضوب منه والمقذوف وسائر حقوق الآدميين ، فإن الإجماع منعقد على أنها لا تسقط بالتوبة ، ولا بد من أدائها إليهم في صحة التوبة ، فإن تعذر ذلك فلا بد من الطلابة يوم القيامة ، لكن لا يلزم من وقوع الطلابة وقوع المجازاة ، وقد{[8055]} يكون للقاتل أعمال صالحة تصرف إلى المقتول أو بعضها ، ثم يفضل له أجر يدخل به{[8056]} الجنة ، أو يعوض الله المقتول من فضله بما يشاء ، من قصور الجنة ونعيمها ، ورفع درجته فيها ونحو ذلك ، والله أعلم .
ثم للقتل العمد أحكام في الدنيا وأحكام في الآخرة{[8057]} أما [ في ]{[8058]} الدنيا فتسلط{[8059]} أولياء المقتول عليه ، قال الله تعالى : { وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا [ فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا ]{[8060]} } [ الإسراء : 33 ] ثم هم مخيرون بين أن يقتلوا ، أو يعفوا ، أو يأخذوا دية مغلظة أثلاثا : ثلاثون حِقَّة ، وثلاثون جَذْعَة ، وأربعون خَلِفَه{[8061]} كما هو مقرر{[8062]} في كتب الأحكام .
واختلف الأئمة : هل تجب عليه كفارة عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ؟ على أحد القولين ، كما تقدم في كفارة الخطأ ، على قولين : فالشافعي وأصحابه وطائفة من العلماء يقولون : نعم ، يجب{[8063]} عليه ؛ لأنه إذا وجبت الكفارة في الخطأ فلأن تجب عليه في العمد أولى . وطردوا هذا في كفارة اليمين الغَمُوس ، واعتضدوا بقضاء الصلوات المتروكة عمدا ، كما أجمعوا على ذلك في الخطأ .
قال أصحاب الإمام أحمد وآخرون : قتل العمد أعظم من أن يكفر ، فلا كفارة فيه ، وكذا اليمين الغموس ، ولا سبيل لهم إلى الفرق بين هاتين الصورتين وبين الصلاة المتروكة عمدا ، فإنهم يقولون : بوجوب قضائها وإن تركت عمدًا .
وقد احتج من ذهب إلى وجوب الكفارة في قتل العمد بما رواه الإمام أحمد حيث قال : حدثنا عارم بن الفضل ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن إبراهيم بن أبي عَبْلَة ، عن الغَرِيف بن عياش ، عن واثلة بن الأسقع قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم نفر من بني سليم فقالوا : إن صاحبا لنا قد أوجب . قال : " فليعتق رقبة ، يفدي الله بكل عضو منها عضوا{[8064]} منه من النار " {[8065]} .
وقال أحمد : حدثنا إبراهيم بن إسحاق ، حدثنا ضَمْرَة بن ربيعة ، عن إبراهيم بن أبي عبلة عن الغَريف الديلمي قال : أتينا واثلة بن الأسقع الليثي فقلنا : حدثنا حديثا سمعتَه من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صاحب لنا قد أوجب ، فقال : " أعتقوا عنه ، يُعْتق الله بكل عضو منه عضوا{[8066]} منه من النار " .
وكذا رواه أبو داود والنسائي ، من حديث إبراهيم بن أبي عبلة ، به{[8067]} ولفظ أبي داود عن الغريف الديلمي{[8068]} قال : أتينا واثلة بن الأسقع فقلنا : حدثنا حديثا ليس فيه زيادة ولا نقصان . فغضب فقال : إن أحدكم ليقرأ ومصحفه معلق في بيته فيزيد وينقص ، قلنا : إنا أردنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صاحب لنا قد أوجب - يعني النار - بالقتل ، فقال : " أعتقوا عنه ، يعتق الله بكل عضو منه عضوا من النار " {[8069]} .
«المتعمد » في لغة العرب القاصد إلى الشيء ، واختلف العلماء في صفة المتعمد في القتل ، فقال عطاء وإبراهيم النخعي وغيرهما : هو من قتل بحديدة كالسيف أو الخنجر وسنان الرمح ونحو ذلك من المشحوذ المعد للقطع أو بما يعلم أن فيه الموت من ثقيل الحجارة ونحوه ،
وقالت فرقة : «المتعمد » كل من قتل بحديدة كان القتل أو بحجر أو بعصا أو بغير ذلك ، وهذا قول الجمهور وهو الأصح ، ورأى الشافعي وغيره أن القتل بغير الحديد المشحوذ هو شبه العمد ، ورأوا فيه تغليظ الدية ، ومالك رحمه الله لا يرى شبه العمد ولا يقول به في شيء ، وإنما القتل عنده ما ذكره الله تعالى عمداً وخطأ لا غير ، والقتل بالسم عنده عمد ، وإن قال ما أردت إلا سكره ، وقوله :
{ فجزاؤه جهنم } تقديره عند أهل السنة ، فجزاؤه أن جازاه بذلك أي هو أهل ذلك ومستحقه لعظم ذنبه ، ونص على هذا أبو مجلز وأبو صالح وغيرهما وهذا مبني على القول بالمشيئة في جميع العصاة قاتل وغيره ، وذهبت المعتزلة إلى عموم هذه الآية ، وأنها مخصصة بعمومها لقوله تعالى : { ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء }{[4201]} وتوركوا في ذلك على ما روي عن زيد بن ثابت أنه قال : نزلت الشديدة بعد الهينة ، يرد نزلت { ومن يقتل مؤمناً متعمداً } بعد { ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } [ النساء 48-116 ] فهم يرون أن هذا الوعيد نافذ حتماً على كل قاتل يقتل مؤمناً ، ويرونه عموماً ماضياً لوجهه ، مخصصاً للعموم في قوله تعالى : { ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } [ النساء : 48 و 116 ] كأنه قال : إلا من قتل عمداً{[4202]} .
قال القاضي أبو محمد رحمه الله : وأهل الحق يقولون لهم : هذا العموم منكسر غير ماض لوجهه من جهتين ، إحداهما ما أنتم معنا مجمعون عليه من الرجل الذي بشهد عليه أو يقرأ بالقتل عمداً ويأتي السلطان أو الأولياء فيقام عليه الحد ويقتل قوداً ، فهذا غير متبع في الآخرة ، والوعيد غير نافذ عليه إجماعاً متركباً . على الحديث الصحيح من طريق عبادة بن الصامت ، ( أنه من عوقب في الدنيا فهو كفارة له ){[4203]} ، وهذا نقض للعموم ، والجهة الأخرى أن لفظ هذه الآية ليس بلفظ عموم ، بل لفظ مشترك يقع كثيراً للخصوص ، كقوله تعالى : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون }{[4204]} وليس حكام المؤمنين إذا حكموا بغير الحق في أمر بكفرة بوجه ، وكقول الشاعر [ زهير بن أبي سلمى ] : [ الطويل ]
وَمَنْ لا يَذُدْ عَنْ حَوْضِهِ بِسِلاَحِهِ *** يُهَدَّمْ وَمَنْ لا يَظْلِمِ النَّاسَ يُظْلَمِ{[4205]}
وهذا إنما معناه الخصوص ، لأنه ليس كل من لا يظلم يظلم ، فهذه جهة أخرى تدل على أن العموم غير مترتب ، وما احتجوا به من قول زيد بن ثابت فليس كما ذكروه ، وإنما أراد زيد أن هذه الآية نزلت بعد سورة الفرقان ، ومراده باللينة قوله تعالى : { ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق }{[4206]} ، وإن كان المهدوي قد حكى عنه أنه قال : أنزلت الآية { ومن يقتل مؤمناً متعمداً } بعد قوله تعالى : { إن الله لا يغفر أن يشرك به } [ النساء : 48 -116 ] بأربعة أشهر فإذا دخله التخصيص ، فالوجه أن هذه الآية مخصوصة في الكافر يقتل المؤمن ، أما على ما روي أنها نزلت في شأن مقيس بن صبابة{[4207]} ، حين قتل أخاه هشام بن حبابة رجل من الأنصار ، فأخذ له رسول الله صلى الله عليه وسلم الدية ، ثم بعثه مع رجل من فهر بعد ذلك في أمر ما ، فعدا عليه مقيس فقتله ورجع إلى مكة مرتداً ، وجعل ينشد : [ الطويل ]
قَتَلْتُ بِهِ فِهْراً وَحَمَّلْتُ عَقْلَهُ . . . سراةَ بني النَّجَّارِ أربابَ فَارِعِ
حَللْتُ بِهِ وِتْرِي وأدْرَكْتُ ثورتي *** وكنتُ إلى الأوثانِ أَوَّلَ راجِعِ{[4208]}
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا أؤمنه في حل ولا في حرم » وأمر بقتله يوم فتح مكة ، وهو متعلق بالكعبة ، وإما{[4209]} أن يكون على ما حكي عن ابن عباس أنه قال { متعمداً } معناه مستحلاً لقتله . فهذا يؤول أيضاً إلى الكفر ، وفي المؤمن الذي قد سبق في علم الله أنه يعذبه بمعصيته على ما قدمنا من تأويل ، فجزاؤه_إن جازاه_ ويكون قوله { خالداً } إذا كانت في المؤمن بمعنى باق مدة طويلة على نحو دعائهم للملوك بالتخليد ونحو ذلك ، ويدل على هذا سقوط قوله «أبداً » فإن التأبيد لا يقترن بالخلود إلا في ذكر الكفار .
واختلف العلماء في قبول توبة القاتل ، فجماعة على أن لا تقبل توبته ، وروي ذلك عن ابن عباس وابن مسعود وابن عمر ، وكان ابن عباس يقول : الشرك والقتل مبهمان{[4210]} ، من مات عليهما خلد ، وكان يقول : هذه الآية مدنية نسخت الآية التي في الفرقان ، إذ الفرقان مكية{[4211]} والجمهور على قبول توبته ، وروي عن بعض العلماء أنهم كانوا يقصدون الإغلاظ والتخويف أحياناً ، فيطلقون : لا تقبل توبة القاتل ، منهم ابن شهاب كان إذا سأله من يفهم منه أنه قد قتل قال له : توبتك مقبولة ، وإذا سأله من لم يفعل ، قال له : لا توبة للقاتل ، ومنهم ابن عباس وقع عنه في تفسير عبد بن حميد أن رجلاً سأله أللقاتل توبة ؟ فقال له : لا توبة للقاتل وجزاؤه جهنم ، فلما مضى السائل قال له أصحابه : ما هكذا كنا نعرفك تقول إلا أن للقاتل التوبة ، فقال لهم : إني رأيته مغضباً وأظنه يريد أن يقتل ، فقاموا فطلبوه وسألوا عنه ، فإذا هو كذلك . وذكر هبة الله في كتاب الناسخ والمنسوخ له : أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : { ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } [ النساء : 48 - 116 ] وقال : هذا إجماع الناس إلا ابن عباس وابن عمر ، فإنهما قالا : هي محكمة .
قال القاضي أبو محمد رحمه الله : وفيما قاله هبة الله نظر ، لأنه موضع عموم وتخصيص ، لا موضع نسخ ، وإنما ركب كلامه على اختلاف الناس في قبول توبة القاتل ، والله أعلم .