التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَيۡلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة الهمزة

مقدمة وتمهيد

1- سورة " الهُمَزة " من السور المكية ، وكان نزولها بعد سورة " القيامة " وقبل سورة " المرسلات " ، وعدد آياتها تسع آيات .

2- ومن أهم أغراضها : التهديد الشديد لمن يعيب الناس ، ويتهكم بهم ، ويتطاول عليهم ، بسبب كثرة ماله ، وجحوده للحق .

وقد ذكروا أن هذه السورة الكريمة نزلت في شأن جماعة من أغنياء المشركين ، منهم : الوليد بن المغيرة ، وأمية بن خلف ، وأبي بن خلف . . كانوا يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ويشيعون الأقوال السيئة عنهم .

وهذا لا يمنع أن السورة الكريمة تشمل أحكامها كل من فعل مثل هؤلاء المشركين ؛ إذ العبرة بعموم اللفظ ، لا بخصوص السبب .

الويل : لفظ يدل على الذم وعلى طلب العذاب والهلكة . . وقيل : اسم لواد فى جهنم .

والهُمَزة من الهَمْز ، بمعنى الطعن فى أعراض الناس ، ورميهم بما يؤذيهم . .

واللُّمَزة من اللمز ، بمعنى السخرية من الغير ، عن طريق الإِشارة باليد أو العين أو غيرهما .

قال الجمل : الهمزة واللمزة : هم المشاؤون بالنميمة ، المفرقون بين الأحبة ، الباغون العيب للبريء ، فعلى هذا هما بمعنى واحد .

وقيل : الهمزة الذي يعيبك فى الغيب ، واللمزة الذي يعيبك فى الوجه ، وقيل : العكس .

وحاصل هذه الأقوال يرجع إلى أصل واحد ، وهو الطعن وإظهار العيب ، ويدخل فى ذلك من يحاكي الناس في أقوالهم وأفعالهم وأصواتهم ليضحكوا منه . .

ولفظ " ويل " مبتدأ ، وساغ الابتداء مع كونه نكرة ؛ لأنه دعاء عليهم ، وقوله : { لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } خبره ، وهمزة ولمزة وصفان لموصوف محذوف .

أي : عذاب شديد ، وخزي عظيم ، لكل من يطعن فى أعراض الناس ، ويغض من شأنهم ، ويحقر أعمالهم وصفاتهم ، وينسب إليهم ما هم برآء منه من عيوب .

والتعبير بقوله : { هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } يدل على أن تلك الصفات القبيحة ، كانت عادة متأصلة فيهم ؛ لأن اللفظ الذي بزنة فُعَلَة - بضم الفاء وفتح العين - يؤتى به للدلالة على أن الموصوف به ديدنه ودأبه الإِتيان بهذا الوصف ، ومنه قولهم : فلان ضُحَكة : إذا كان يكثر من الضحك .

كما أن لفظ " فُعْلَة " - بضم الفاء وسكون العين - يؤتى به للدلالة على أن الموصوف به ، يكثر أن يفعل به ذلك ، ومنه قولهم : فلان ضُحْكة ، إذا كان الناس يكثرون الضحك منه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَيۡلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة ويل لكل همزة لمزة

وهي مكية .

الهماز : بالقول ، واللماز : بالفعل . يعني : يزدري بالناس{[30507]} وينتقص بهم . وقد تقدم بيان ذلك في قوله : { هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ } [ القلم : 11 ] .

قال ابن عباس : { هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ } طعان معياب . وقال الربيع بن أنس : الهُمَزة ، يهمزه في وجه ، واللمزة{[30508]} من خلفه . وقال قتادة : يهمزه ويلمزه بلسانه وعينه ، ويأكل لحوم الناس ، ويطعنُ عليهم .

وقال مجاهد : الهمزة : باليد والعين ، واللمزةُ : باللسان . وهكذا قال ابن زيد . وقال مالك ، عن زيد بن أسلم : هُمَزة لحوم الناس .

ثم قال بعضهم : المراد بذلك الأخنس بن شريق ، وقيل : غيره . وقال مجاهد : هي عامة .


[30507]:- (1) في م: "على الناس".
[30508]:- (2) في م: "ولمزه".