التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصۡحَٰبِ ٱلۡفِيلِ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة الفيل

مقدمة وتمهيد

1- سورة " الفيل " وسماها بعضهم سورة " ألم تر . . . " من السور المكية الخالصة ، وعدد آياتها خمس آيات ، وكان نزولها بعد سورة " قل يأيها الكافرون " ، وقبل سورة " القيامة " ، فهي السورة التاسعة عشرة في ترتيب النزول من بين السور المكية .

2- ومن أهم مقاصدها تذكير أهل مكة بفضل الله –تعالى- عليهم ، حيث منع كيد أعدائهم عنهم ، وعن بيته الحرام ، وبيان أن هذا البيت له مكانته السامية عنده –تعالى- ، وأن من أراده بسوء قصمه الله –تعالى- ، وتبشير النبي صلى الله عليه وسلم بأنه –سبحانه- كفيل برعايته ونصره على أعدائه ، كما نصر أهل مكة على أبرهة وجيشه ، وتثبيت المؤمنين على الحق ، لكي يزدادوا إيمانا على إيمانهم ، وبيان أن الله –سبحانه- غالب على أمره .

3- وقصة أصحاب الفيل من القصص المشهورة عند العرب ، وملخصها : أن أبرهة الأشرم الحبشي أمير اليمن من قبل النجاشي ملك الحبشة ، بنى كنيسة بصنعاء لم ير مثلها في زمانها . . وأراد أن يصرف الناس من الحج إلى بيت الله الحرام ، إلى الحج إليها . . ثم جمع جيشا عظيما قدم به لهدم الكعبة . . فأهلكه الله –تعالى- وأهلك من معه من رجال وأفيال . .

وكانت ولادته صلى الله عليه وسلم في هذا العام . . ( {[1]} ) .

الاستفهام فى قوله - تعالى - : { أَلَمْ تَرَ . . . } للتقرير بما تواتر نقله وعمله صلى الله عليه وسلم وعلمه غيره علما مستفيضا . . حتى إن العرب كانوا يؤرخون بتلك الحادثة ، فيقولون : هذا الأمر حدث فى عام الفيل ، أو بعده أو قبله . . والمراد بالرؤية هنا : العلم المحقق .

وعبر - سبحانه - عن العلم بالرؤية ؛ لأن خبر هذه القصة - كما أشرنا -كان من الشهرة بمكان ، فالعلم الحاصل بها مساو فى قوة الثبوت للرؤية والمشاهدة .

والمعنى : لقد علمت - أيها الرسول الكريم - علما لا يخالطه ريب أو لبس ، ما فعله ربك بأصحاب الفيل ، الذين جاءوا لهدم الكعبة ، حيث أهلكناهم إهلاكا شنيعا ، كانت في العبرة والعظة ، والدلالة الواضحة على قدرتنا ، وعلى حمايتنا لبيتنا الحرام .

وأوقع - سبحانه - الاستفهام عن كيفية ما أنزله بهم ، لا عن الفعل ذاته ؛ لأن الكيفية أكثر دلالة على قدرته - تعالى - ، وعلى أنه - سبحانه - لا يعجزه شيء .

وفى التعبير بقوله : { فَعَلَ رَبُّكَ . . . } إشارة إلى أن هذا الفعل لا يقدر عليه أحد سواه - سبحانه - ، فهو الذى ربى نبيه صلى الله عليه وسلم وتعهده بالرعاية ، وهو الكفيل بنصره على أعدائه ، كما نصر أهل مكة على جيوش الحبشة . . وهم أصحاب الفيل .

ووصفوا بأنهم " أصحاب الفيل " ؛ لأنهم أحضروا معهم الفيلة ، ليستعينوا بها على هدم الكعبة ، وعلى إذلال أهل مكة .


[1]:- سورة إبراهيم: الآية 1.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصۡحَٰبِ ٱلۡفِيلِ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الفيل

وهي مكية .

هذه من النعم التي امتن الله بها على قريش ، فيما صرف عنهم من أصحاب الفيل ، الذين كانوا قد عزموا على هدم الكعبة ومحو أثرها من الوجود ، فأبادهم الله ، وأرغم آنافهم ، وخيب سعيهم ، وأضل عملهم ، وَرَدهم بشر خيبة . وكانوا قوما نصارى ، وكان دينهم إذ ذاك أقرب حالا مما كان عليه قريش من عبادة الأوثان . ولكن كان هذا من باب الإرهاص والتوطئة لمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه في ذلك العام ولد على أشهر الأقوال ، ولسان حال القدر يقول : لم ننصركم - يا معشر قريش - على الحبشة لخيريتكم عليهم ، ولكن صيانة للبيت العتيق الذي سنشرفه ونعظمه ونوقره ببعثة النبي الأمي محمد ، صلوات الله وسلامه عليه{[30514]} خاتم الأنبياء .

وهذه قصة أصحاب الفيل على وجه الإيجاز والاختصار والتقريب : قد تقدم في قصة أصحاب الأخدود{[30515]} أن ذا نُوَاس - وكان آخر ملوك حمير ، وكان مشركًا - هو الذي قتل أصحاب الأخدود ، وكانوا نصارى ، وكانوا قريبًا من عشرين ألفًا ، فلم يفلت منهم إلا دَوس ذو ثعلبان ، فذهب فاستغاث بقيصر ملك الشام - وكان نصرانيًا - فكتب له إلى النجاشي ملك الحبشة ؛ لكونه أقرب إليهم ، فبعث معه أميرين : أرياط وأبرهة بن الصباح أبا يكسوم{[30516]} في جيش كثيف ، فدخلوا اليمن فجاسوا خلال الديار ، واستلبوا الملك من حمير ، وهلك ذو نواس غريقا في البحر . واستقل الحبشة بملك اليمن وعليهم هذان الأميران : أرياط وأبرهة ، فاختلفا في أمرهما وتصاولا وتقاتلا وتصافا ، فقال أحدهما للآخر : إنه لا حاجة بنا إلى اصطدام الجيشين بيننا ، ولكن ابرز إلي وأبرز إليك ، فأينا قتل الآخر ، استقل بعده بالملك . فأجابه إلى ذلك فتبارزا ، وخَلَفَ كل واحد منهما قناة ، فحمل أرياط على أبرهة فضربه بالسيف ، فشرم أنفه وفمه وشق وجهه ، وحمل عَتَوْدَة مولى أبرهة على أرياط فقتله ، ورجع أبرهة جريحًا ، فداوى جرحه فَبَرأ ، واستقل بتدبير جيش الحبشة باليمن . فكتب{[30517]} إليه النجاشي يلومه على ما كان منه ، ويتوعده ويحلف ليطأن بلاده ويجزن ناصيته . فأرسل إليه أبرهة يترقق له ويصانعه ، وبعث مع رسوله بهدايا وتحف ، وبجراب فيها من تراب اليمن ، وجز ناصيته فأرسلها معه ، ويقول في كتابه : ليطأ الملك على هذا الجراب فيبر قسمه ، وهذه ناصيتي قد بعثت بها إليك . فلما وصل ذلك إليه أعجبه منه ، ورضي عنه ، وأقره على عمله . وأرسل أبرهة يقول للنجاشي : إني سأبني لك كنيسة بأرض اليمن لم يُبْنَ قبلها مثلها . فشرع في بناء كنيسة هائلة بصنعاء ، رفيعة البناء ، عالية الفناء ، مزخرفة الأرجاء . سمتها العرب القُلَّيس ؛ لارتفاعها ؛ لأن الناظر إليها تكاد تسقط قلنسوته عن رأسه من ارتفاع بنائها . وعزم أبرهة الأشرمُ على أن يصرف حَجّ العرب إليها كما يُحَج إلى الكعبة بمكة ، ونادى بذلك في مملكته ، فكرهت العرب العدنانية والقحطانية ذلك ، وغضبت قريش لذلك غضبًا شديدًا ، حتى قصدها بعضهم ، وتوصل إلى أن دخلها ليلا ، فأحدث فيها وكرّ راجعًا . فلما رأى السدنة ذلك الحدث ، رفعوا أمرهم إلى ملكهم أبرهة ، وقالوا له : إنما صنع هذا بعض قريش غضبًا لبيتهم الذي ضاهيت هذا به ، فأقسم أبرهة ليسيرن إلى بيت مكة ، وليخربنه حجرًا حجرًا .

وذكر مقاتل بن سليمان أن فتية من قريش دخلوها فأججوا فيها نارًا ، وكان يومًا فيه هواء شديد فأحرقته ، وسقطت إلى الأرض .

فتأهب أبرهة لذلك ، وصار في جيش كثيف عَرَمرم ؛ لئلا يصده أحد عنه ، واستصحب معه فيلا عظيما كبير الجثة لم ير مثله ، يقال له : محمود ، وكان قد بعثه إليه النجاشي ملك الحبشة لذلك . ويقال : كان معه أيضًا ثمانية أفيال . وقيل : اثنا عشر فيلا . وقيل غيره ، والله أعلم . يعني ليهدم به الكعبة ، بأن يجعل السلاسل في الأركان ، وتوضع في عُنُق الفيل ، ثم يزجر ليلقي الحائط جملة واحدة . فلما سمعت العرب بمسيره أعظموا ذلك جدًا ، ورأوا أن حقًا عليهم المحاجبة{[30518]} دون البيت ، وَرَد من أراده بكيد . فخرج إليه رجل [ كان ]{[30519]} من أشراف أهل اليمن وملوكهم ، يقال له " ذو نَفْر " فدعا قومه ومن أجابه من سائر العرب إلى حرب أبرهة ، وجهاده عن بيت الله ، وما يريد من هدمه وخرابه . فأجابوه وقاتلوا أبرهة ، فهزمهم لما يريده الله ، عز وجل ، من كرامة البيت وتعظيمه ، وأسر " ذو نُفْر " فاستصحبه معه . ثم مضى لوجهه حتى إذا كان بأرض خثعم ، عَرَض له نُفَيل بن حَبيب الخَشْعمي في قومه : شهران وناهس ، فقاتلوه ، فهزمهم أبرهة ، وأسر نُفَيل بن حبيب ، فأراد قتله ثم عفا عنه ، واستصحبه معه ليدله في بلاد الحجاز . فلما اقترب من أرض الطائف ، خرج إليه أهلها ثقيف وصانعوه خيفة على بيتهم الذي عندهم الذي يسمونه اللات . فأكرمهم وبعثوا معه " أبا رغَال " دليلا . فلما انتهى أبرهة إلى المُغَمْس - وهو قريب من مكة - نزل به وأغار جيشه على سَرْح أهل مكة من الإبل وغيرها ، فأخذوه . وكان في السرح{[30520]} مائتا بعير لعبد المطلب . وكان الذي أغار على السرح بأمر أبرهة أمير المقدمة ، وكان يقال له : " الأسود بن مفصود " فهجاه بعض العرب - فيما ذكره ابن إسحاق{[30521]} - وبعث أبرهة حناطة الحميري إلى مكة ، وأمره أن يأتيه بأشرف قريش ، وأن يخبره أن الملك لم يجئ لقتالكم إلا أن تَصُدوه عن البيت . فجاء حناطة فَدُل على عبد المطلب بن هاشم وبلغه عن أبرهة ما قال ، فقال له عبد المطلب : والله ما نريد حربه ، وما لنا بذلك من طاقة ، هذا بيت الله الحرام ، وبيت خليله إبراهيم ، فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه ، وإن يخلى بينه وبينه ، فوالله ما عندنا دَفْع عنه . فقال له حناطة : فاذهب معي إليه . فذهب معه ، فلما رآه أبرهة أجله ، وكان عبد المطلب رجلا جميلا حسن المنظر ، ونزل أبرهة عن سريره ، وجلس معه على البساط ، وقال لترجمانه : قل له : حاجتك ؟ فقال للترجمان : إن حاجتي أن يرد علي الملك مائتي بعير أصابها لي . فقال أبرهة لترجمانه : قل له : لقد كنت أعجبتني حين رأيتك ، ثم قد زَهِدت فيك حين كلمتني ، أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك ، وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئتُ لهدمه ، لا تكلمني فيه ؟ ! فقال له عبد المطلب : إني أنا رب الإبل ، وإن للبيت ربا سيمنعه . قال : ما كان ليمتنع مني ! قال : أنت وذاك .

ويقال : إنه ذهب مع عبد المطلب جماعة من أشراف العرب فعرضوا على أبرهة ثلث أموال تهامة على أن يرجع عن البيت ، فأبى عليهم ، ورد أبرهة على عبد المطلب إبله ، ورجع عبد المطلب إلى قريش فأمرهم بالخروج من مكة ، والتحصن في رءوس الجبال ، تخوفا عليهم من معرة الجيش . ثم قام عبد المطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة ، وقام معه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرونه على أبرهة وجنده ، وقال عبد المطلب وهو آخذ بحلقة باب الكعبة :

لاهُمَّ{[30522]} إنَّ المرء يم *** نَعُ رَحْلَه فامْنع حِلالَك

لا يغلبنَّ صَلِيبُهم *** ومحَالُهم غدوًا مِحَالك

قال ابن إسحاق : ثم أرسل عبد المطلب حَلْقة الباب ، ثم خرجوا إلى رءوس الجبال{[30523]} .

وذكر مقاتل بن سليمان أنهم تركوا عند البيت مائة بدنة مُقَلَّدة ، لعل بعض الجيش{[30524]} ينال منها شيئا بغير حق ، فينتقم الله منه .

فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة ، وهيأ فيله - وكان اسمه محمودًا - وعبأ جيشه ، فلما وجهوا الفيل نحو مكة أقبل نفيل بن حبيب حتى قام إلى جنبه ثم أخذ بأذنه وقال : ابرك محمود وارجع راشدا من حيث جئت ، فإنك في بلد الله الحرام " . ثم أرسل أذنه ، فبرك الفيل . وخرج نفيل بن حبيب يَشتد حتى أصعد في الجبل . وضربوا الفيل ليقوم فأبى . فضربوا في رأسه بالطْبرزين{[30525]} وأدخلوا محاجن لهم في مَرَاقه فبزغوه بها ليقوم ، فأبى ، فوجهوه راجعا إلى اليمن فقام يهرول . ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك . ووجهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك ، ووجهوه إلى مكة فبرك . وأرسل الله عليهم طيرا من البحر أمثال الخطاطيف والبلسان .

مع كل طائر منها ثلاثة أحجار يحملها : حجر في منقاره ، وحجران في رجليه ، أمثال الحمص والعدس ، لا تصيب منهم أحدًا إلا هلك ، وليس كلهم أصابت . وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق ، ويسألون عن نفيل ليدلهم على الطريق هذا . ونفيل على رأس الجبل مع قريش وعرب الحجاز ، ينظرون ماذا أنزل الله بأصحاب الفيل من النقمة ، وجعل نفيل يقول :

أينَ المَفَرُّ? والإلهُ الطَّالب{[30526]} *** والأشرمُ المغلوبُ غير الغالب{[30527]}

قال ابن إسحاق : وقال نُفَيل في ذلك أيضًا :

ألا حُييت عَنا يا رُدَينا *** نَعمْناكُم مَعَ الأصبَاح عَينَا

رُدَينةُ لو رأيت - ولا تَرَيْه *** لَدَى جَنْب المحصّب - ما رَأينَا

إذا لَعَذَرتني وَحَمَدت أمْري *** وَلَم تأسى عَلَى مَا فات بَيْنَا

حَمِدتُ الله إذ أبصَرتُ طيرًا *** وَخفْتُ حَجارة تُلقَى عَلَينا

فَكُلّ القوم يَسألُ عَن نُفَيل *** كَأنَّ عليَ للحُبْشَان دَينَا !

وذكر الواقدي بأسانيده أنهم لما تعبئوا لدخول الحرم وهيئوا الفيل ، جعلوا لا يصرفونه إلى جهة من سائر الجهات إلا ذهب [ فيها ]{[30528]} فإذا وجهوه إلى الحرم رَبَض وصاح . وجعل أبرهة يحمل على سائس الفيل وينهره ويضربه ، ليقهر الفيل على دخول الحرم . وطال الفصل في ذلك . هذا وعبد المطلب وجماعة من أشراف مكة ، منهم{[30529]} المطعم بن عدي ، وعمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم ، ومسعود [ بن عمرو ]{[30530]} الثقفي ، على حراء ينظرون إلى ما الحبشة يصنعون ، وماذا يلقون من أمر الفيل ، وهو العجب العجاب . فبينما هم كذلك ، إذ بعث الله عليهم طيرًا أبابيل ، أي قطَعًا قِطَعًا صفرا دون الحمام ، وأرجلها حمر ، ومع كل طائر ثلاث أحجار ، وجاءت فحلقت عليهم ، وأرسلت تلك الأحجار عليهم فهلكوا .

وقال محمد بن كعب : جاءوا بفيلين : فأما محمود فَرَبض ، وأما الآخر فَشَجُع{[30531]} فحُصِب .

وقال وهب بن مُنَبِّه : كان معهم فيلة ، فأما محمود - وهو فيل الملك - فربض ، ليقتدي به بقية الفيلة ، وكان فيها فيل تَشَجَّع فحصب ، فهربت بقية الفيلة .

وقال عطاء بن يَسَار ، وغيره : ليس كلهم أصابه العذاب في الساعة الراهنة ؛ بل منهم من هلك سريعًا ، ومنهم من جعل يتساقط عضوًا عضوًا وهم هاربون ، وكان أبرهة ممن يتساقط عضوًا عضوًا ، حتى مات ببلاد خثعم .

قال ابن إسحاق : فخرجوا يتساقطون بكل طريق ، ويهلكون على كل منهل{[30532]} وأصيب أبرهة في جسده ، وخرجوا به معهم يسقط أنْمُلة أنْمُلة ، حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطائر ، فما مات حتى انصدع صدره عن{[30533]} قلبه فيما يزعمون .

وذكر مقاتل بن سليمان : أن قريشًا أصابوا مالا جزيلا من أسلابهم ، وما كان معهم ، وأن عبد المطلب أصاب يومئذ من الذهب ما ملأ حفرة .

وقال ابن إسحاق : وحدثني يعقوب بن عُتْبَة : أنه حدث{[30534]} أن أول ما رئيت الحَصبة والجُدري بأرض العرب ذلك العام ، وأنه أول ما رئي به مَرائر الشجر الحَرْمل ، والحنظل والعُشر ، ذلك العام{[30535]} .

وهكذا روي عن عكرمة ، من طريق جيد .

قال ابن إسحاق : فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم كان فيما يَعُد به على قريش من نعْمتَه{[30536]} عليهم وفضله ، ما رَدَّ عنهم من أمر الحبشة ، لبقاء أمرهم ومدتهم ، فقال : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ } { لإيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ } [ سورة قريش ] أي : لئلا يغير شيئا من حالهم التي كانوا عليها ، لما أراد الله بهم من الخير لو قبلوه .


[30514]:- (1) في أ: "صلى الله عليه وسلم".
[30515]:- (2) عند تفسير الآية: 4 من سورة البروج.
[30516]:- (3) في أ: "أبا بكشوم".
[30517]:- (4) في أ: "فأرسل".
[30518]:- (1) في أ: "المحاجة".
[30519]:-(2) زيادة من م، أ.
[30520]:- (3) في أ: "في السراح".
[30521]:- (4) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (1/51).
[30522]:- (1) في أ: "اللهم".
[30523]:- (2) انظر: السيرة النبوية لبن هشام (1/52).
[30524]:- (3) في م، أ: "بعض الحبشة".
[30525]:- (4) في أ: "بالطورين من الآلات".
[30526]:- (1) في م: "الغالب".
[30527]:- (2) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (1/53) وتفسير الطبري (30/196).
[30528]:- (3) زيادة من م، أ.
[30529]:- (4) في م، أ: "فيهم".
[30530]:- (5) زيادة من م، أ.
[30531]:- (6) في أ: "فخشع".
[30532]:- (7) في م: "كل سهل".
[30533]:- (8) في أ: "من".
[30534]:- (1) في أ: "أنه حدثه".
[30535]:- (2) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (1/54).
[30536]:- (3) في أ: "من بعثه".