التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنذَرۡنَٰكُمۡ عَذَابٗا قَرِيبٗا يَوۡمَ يَنظُرُ ٱلۡمَرۡءُ مَا قَدَّمَتۡ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلۡكَافِرُ يَٰلَيۡتَنِي كُنتُ تُرَٰبَۢا} (40)

ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة بهذا الإِنذار البليغ فقال : { إِنَّآ أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنظُرُ المرء مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الكافر ياليتني كُنتُ تُرَاباً } .

والإنذار : الإِخبار بحصول شئ تسوء عاقبته ، فى وقت يستطيع المنذر فيه أن يجنب نفسه الوقوع فى ذلك الشئ . أى : إنا أخبرناكم - أيها الناس - بأن هناك عذابا قريبا ، سيحل بمن يستحقه عما قريب .

وذلك العذاب سيكون أشد هولا ، وأبقى أثرا ، يوم القيامة ، { يَوْمَ يَنظُرُ المرء مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } أى : يوم يرى كل إنسان عمله حاضرا أمامه ، ومسجلا عليه . .

{ وَيَقُولُ الكافر ياليتني كُنتُ تُرَاباً } أى : ويقول الإِنسان الكافر فى هذا اليوم على سبيل الحسرة والندامة ، يا ليتنى كنت فى الدنيا ترابا ، ولم أخلق بشرا ، ولم أكلف بشئ من التكاليف ، ولم أبعث ولم أحاسب .

فالمقصود بالآية قطع أعذار المعتذرين بأبلغ وجه ، من قبل أن يأتى يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنذَرۡنَٰكُمۡ عَذَابٗا قَرِيبٗا يَوۡمَ يَنظُرُ ٱلۡمَرۡءُ مَا قَدَّمَتۡ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلۡكَافِرُ يَٰلَيۡتَنِي كُنتُ تُرَٰبَۢا} (40)

وهو الإنذار الذي يوقظ من الخمار : ( إنا أنذرناكم عذابا قريبا ) . . ليس بالبعيد ، فجهنم تنتظركم وتترصد لكم . على النحو الذي رأيتم . والدنيا كلها رحلة قصيرة ، وعمر قريب !

وهو عذاب من الهول بحيث يدع الكافر يؤثر العدم على الوجود : ( يوم ينظر المرء ما قدمت يداه . ويقول الكافر : يا ليتني كنت ترابا ) . . وما يقولها إلا وهو ضائق مكروب !

وهو تعبير يلقي ظلال الرهبة والندم ، حتى ليتمنى الكائن الإنساني أن ينعدم . ويصير إلى عنصر مهمل زهيد . ويرى هذا أهون من مواجهة الموقف الرعيب الشديد . . وهو الموقف الذي يقابل تساؤل المتسائلين وشك المتشككين . في ذلك النبأ العظيم ! ! !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنذَرۡنَٰكُمۡ عَذَابٗا قَرِيبٗا يَوۡمَ يَنظُرُ ٱلۡمَرۡءُ مَا قَدَّمَتۡ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلۡكَافِرُ يَٰلَيۡتَنِي كُنتُ تُرَٰبَۢا} (40)

وقوله : { إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا } يعني : يوم القيامة لتأكد وقوعه صار قريبا ، لأن كل ما هو آت آت .

{ يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } أي : يعرض عليه جميع أعماله ، خيرها وشرها ، قديمها وحديثها ، كقوله : { وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا } [ الكهف : 49 ] ، وكقوله : { يُنَبَّأُ الإنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } [ القيامة : 13 ] .

{ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا } أي : يود الكافر يومئذ أنه كان في الدار الدنيا ترابا ، ولم يكن خُلِقَ ، ولا خرج إلى الوجود . وذلك حين عاين عذاب الله ، ونظر إلى أعماله الفاسدة قد سُطَّرت عليه بأيدي الملائكة السَّفَرة الكرام البَرَرة ، وقيل : إنما يود ذلك حين يحكم الله بين الحيوانات التي كانت في الدنيا ، فيفصل بينها بحكمه العدل الذي لا يجور ، حتى إنه ليقتص للشاة الجمَّاء من القرناء . فإذا فرغ من الحكم بينها قال لها : كوني ترابا ، فتصير ترابا . فعند ذلك يقول الكافر : { يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا } أي : كنت حيوانا فأرجع إلى التراب . وقد ورد معنى هذا في حديث الصّور المشهور{[29677]} وورد فيه آثار عن أبي هُرَيرة ، وعبد الله بن عمرو ، وغيرهما .

[ آخر تفسير سورة " عم " {[29678]} ] {[29679]}


[29677]:- (1) حديث الصور تقدم بطوله عند تفسير الآية: 73 من سورة "الأنعام".
[29678]:- (2) في م: "النبأ".
[29679]:- (3) زيادة من م، أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنذَرۡنَٰكُمۡ عَذَابٗا قَرِيبٗا يَوۡمَ يَنظُرُ ٱلۡمَرۡءُ مَا قَدَّمَتۡ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلۡكَافِرُ يَٰلَيۡتَنِي كُنتُ تُرَٰبَۢا} (40)

إنا أنذرناكم عذابا قريبا يعني عذاب الآخرة وقربه لتحققه فإن كل ما هو آت قريب ولأن مبدأه الموت يوم ينظر المرء ما قدمت يداه يرى ما قدمه من خير أو شر و المرء عام وقيل هو الكافر لقوله إنا أنذرناكم فيكون الكافر ظاهرا وضع موضع الضمير لزيادة الذم و ما موصولة منصوبة بينظر أو استفهامية منصوبة ب قدمت أي ينظر أي شيء قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا في الدنيا فلم أخلق ولم أكلف أو في هذا اليوم فلم أبعث وقيل يحشر سائر الحيوانات للاقتصاص ثم ترد ترابا فيود الكافر حالها .

ختام السورة:

عن النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة عم سقاه الله برد الشراب يوم القيامة .