{ لكن الراسخون فِي العلم مِنْهُمْ والمؤمنون يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً } .
وقوله { الراسخون } جمع راسخ . ورسوخ الشئ ثباته وتمكنه . يقال شجرة راسخة ، أى ثابتة قوية لا تزحزحها الرياح ولا العواصف . والراسخ فى العلم هو المتحقق فيه ، الذى لا تؤثر فيه الشبه المتقن لما يعلمه إتقانا يبعده عن الميل والانحراف عن الحق .
وقوله ، { لكن الراسخون فِي العلم } استدراك من قوله قبل ذلك { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } وبيان لكونه بعض أهل الكتاب على خلاف حال عامتهم فى العاجل والآجل .
والمعنى : إن حال اليهود على ما وصف لكم من سوء خلق فى الدنيا ، ومن سوء عاقبة فى الآخرة ، { لكن الراسخون فِي العلم مِنْهُمْ } أى الثابتون فيه ، المتقنون المستبصرون الذين أدركوا حقائقه وصدقوها وأذعنوا لها ، ورسخت فى نفوسهم رسوخا ليس معه شبهة تفسده ، أو هوى يعبث به ، أو ريب يزعزعه .
{ والمؤمنون } أى منهم . وقد وصفوا بالإِيمان بعد وصفهم بما يوجبه وهو الرسوخ فى العلم بطريق العطف المبنى على المغايرة المتعاطفين تنزيلا للاختلاف العنوانى منزلة الاختلاف الذاتى .
وقوله { يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيكَ } خبر لقوله { الراسخون } . أى هؤلاء الراسخون فى العلم من أهل الكتاب والمؤمنين منهم بالحق ، يؤمنون بما أنزل إليك من قرآن ، ويؤمنون بما { أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ } من كتب سماوية على أنبياء الله ورسله .
وقوله : { والمقيمين الصلاة } للعلماء فيه وجوه من الإعراب أشهرها أنه منصوب على المدح . أى : وأمدح المقيمين الصلاة .
قال صاحب الكشاف : وقوله { والمقيمين الصلاة } نصب على المدح لبيان فضل الصلاة وهو باب واسع . وقد كسره سيبويه على أمثله وشواهد . ولا يلتفت إلى ما زعموا من وقوعه لحنا فى خط المصحف : ورما التفت إليه من لم ينظر فى الكتاب ، ولم يعرف مذاهب العرب ، وما لهم فى النصب على الاختصاص من الافتنان وغبى عليه أن السابقين الأولين الذين مثلهم فى التوراة ومثلهم فى الإِنجيل ، كانوا أبعد همة فى الغيرة على الإِسلام ، وذب المطاعن عنه ، من أن يتكروا فى كتاب الله ثلمة ليسدها من بعدهم . وخرقا يوفوه من يلحق بهم وقيل : هو عطف على { بِمَآ أُنزِلَ إِلَيكَ } أى : يؤمنون بالكتاب وبالمقيمين الصلاة وهم الأنبياء . وفى مصحف عبد الله : { والمقيمين } بالواو : وهى قراءة مالك بن دينار ، والجحدرى ، وعيسى الثقفى .
وقوله : { والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر } معطوف على { الراسخون } أو على الضمير المرفوع فى { يُؤْمِنُونَ } .
أو على أنه مبتدأ والخبر ما بعده وهو قوله . { أولئك سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً } .
والمراد بالجميع مؤمنو أهل الكتاب الصادقون فى إيمانهم . فقد وصفهم - أولا - بالرسوخ فى العلم ، ثم وصفهم - ثانيا - بالإِيمان الكامل بما أوحاه الله على أنبيائه من كتب وهدايات ، ثم مدحهم - ثالثا - بإقامة الصلاة إقامة مستوفية لكل أركانها وسننها وآدابها وخشوعها ، ثم وصفهم - رابعاً - بإيتاء الزكاة لمستحقيها ، ثم وصفهم - خامسا - بالإِيمان بالله إيماناً حقاً ، وبالإِيمان باليوم الآخر وما فيه من حساب وثواب وعقاب .
وبعد هذا الوصف الكريم لهؤلاء المؤمنين الصادقين ، بين - سبحانه - حسن عاقبتهم فقال : { أولئك سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً } .
أى : أولئك الموصفون بتلك الصفات الجليلة سنؤتيهم يوم القيامة أجرا عظيم لا يعلم كنهه إلا علام الغيوب ، لأنهم جمعوا بين الإِيمان الصحيح وبين العمل الصالح .
هذا . والمتأمل فى هذه الآيات الكريمة ، يراها من أجمع الآيات التى تحدثت عن أحوال اليهود ، وعن أخلاقهم السيئة ، وعن فنون من راذئلهم وقبائحهم . . . . فأنت تراها - أولا - ستجل عليهم أسئلتهم المتعنتة وسوء أدبهم مع الله ، وعبادتهم للعجل من بعد أن قامت لديهم الأدلة على أن العبادة لا تكون إلا لله وحده ، وعصيانهم لأوامر الله ونواهيه ، ونقضهم للعهود والمواثيق ، وكفرهم بآيات الله ، وقتلهم الأنبياء بغير حق ، وقولهم قلوبنا غلف ، وبتهتهم لمريم القانتة العابدة الطاهرة ، وقولهم : إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله . . . إلى غير ذلك من الرذائل التى سجلها الله عليهم .
ثم تراها - ثانيا - تذكرهم وتذكر الناس جميعا ببعض مظاهر رحمة الله بهم ، وعفوه عنهم ، ونعمه عليهم ، كما تذكرهم - أيضا - وتذكر الناس جميعا ، ببعض العقوبات التى عاقبهم بها بسبب ظلمهم وبغيهم .
وكأن الآيات الكريمة تقول لهم وللناس إن نعم الله على عباده لا تحصى ورحمته بهم واسعة ، فاشكروه على نعمه ، وتوبوا إليه من ذنوبكم ، فإن الإِصرار على الماصى يؤدى إلى سوء العاقبة فى الدنيا والآخرة .
ثم تراها - ثالثاً - تدافع عن عيسى وأمه دفاعا عادلا مقنعاً وتبرئهما مما نسبه أهل الكتاب إليهما من زور وبهتان ، وتصرح بأن أهل الكتاب لا حجة عندهم فيما تقولوه على عيسى وعلى أمه مريم ، وأنهم فى أقوالهم ما يتبعون إلا الظن ، { وَإِنَّ الظن لاَ يُغْنِي مِنَ الحق شَيْئاً } ثم تسوق الحقيقة التى لا باطل معها في شأن عيسى ، بأن تبين بأن الذين زعموا أنهم قتلوه كاذبوم مفترون فإنهم ما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ، وسيؤمنون به عند نزوله فى آخر الزمان ، أو عندما يكونون فى اللحظات الأخيرة من حياتهم ، حين لا ينفع الإِيمان .
ثم تراها - رابعاً - لا تعمم فى أحكامها ، وإنما تحق الحق وتبطل الباطل فهى بعد أ ، تبين ما عليه اليهود من كفر وظلم وفسوق عن أمر الله ، وتتوعدهم بالعذاب الشديد فى الآخرة .
بعد كل ذلك تمدح الراسخين فى العلم منهم مدحا عظيما ، وتكرم المؤمنين الصادقين منهم تكريما عظيما ، وتبشرهم بالأجر الحزيل الذى يشرح صدورهم ، ويطمئن قلوبهم . { ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ والله ذُو الفضل العظيم } هذا جانب مما اشتملت عليه هذه الآيات من عبر وعظات { لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السمع وَهُوَ شَهِيدٌ } وبعد هذا الحديث المستفيض عن شبهات اليهود وسوء طباعهم
ولا يترك السياق الموقف مع اليهود ، حتى ينصف القليل المؤمن منهم ؛ ويقرر حسن جزائهم ، وهو يضمهم إلى موكب الإيمان العريق ، ويشهد لهم بالعلم والإيمان ، ويقرر أن الذي هداهم إلى التصديق بالدين كله : ما أنزل إلى الرسول [ ص ] وما أنزل من قبله ، هو الرسوخ في العلم وهو الإيمان :
( لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك ، وما أنزل من قبلك . والمقيمين الصلاة ، والمؤتون الزكاة ، والمؤمنون بالله واليوم الآخر ، أولئك سنؤتيهم أجرا عظيمًا ) . .
فالعلم الراسخ ، والإيمان المنير ، كلاهما يقود أهله إلى الإيمان بالدين كله . كلاهما يقود إلى توحيد الدين الذي جاء من عند الله الواحد .
وذكر العلم الراسخ بوصفه طريقا إلى المعرفة الصحيحة كالإيمان الذي يفتح القلب للنور ، لفتة من اللفتات القرآنية التي تصور واقع الحال التي كانت يومذاك ؛ كما تصور واقع النفس البشرية في كل حين . فالعلم السطحي كالكفر الجاحد ، هما اللذان يحولان بين القلب وبين المعرفة الصحيحة . . ونحن نشهد هذا في كل زمان . فالذين يتعمقون في العلم ، ويأخذون منه بنصيب حقيقي ، يجدون أنفسهم أمام دلائل الإيمان الكونية ؛ أو على الأقل أمام علامات استفهام كونية كثيرة ، لا يجيب عليها إلا الاعتقاد بأن لهذا الكون إلها واحدا مسيطرا مدبرا متصرفا ، وذا إرادة واحدة ، وضعت ذلك الناموس الواحد . . وكذلك الذين تتشوق قلوبهم للهدى - المؤمنون - يفتح الله عليهم ، وتتصل أرواحهم بالهدى . . أما الذين يتناوشون المعلومات ويحسبون أنفسهم علماء ، فهم الذين تحول قشور العلم بينهم وبين إدراك دلائل الإيمان ، أو لا تبرز لهم - بسبب علمهم الناقص السطحي - علامات الاستفهام . وشأنهم شأن من لا تهفو قلوبهم للهدى ولا تشتاق . . وكلاهما هو الذي لا يجد في نفسه حاجة للبحث عن طمأنينة الإيمان ، أو يجعل التدين عصبية جاهلية فيفرق بين الأديان الصحيحة التي جاءت من عند ديان واحد ، على أيدي موكب واحد متصل من الرسل ، صلوات الله عليهم أجمعين .
وقد ورد في التفسير المأثور أن هذه الإشارة القرآنية تعني - أول من تعني - أولئك النفر من اليهود ، الذين استجابوا للرسول [ ص ] وذكرنا أسماءهم من قبل ، ولكن النص عام ينطبق على كل من يهتدي منهم لهذا الدين ، يقوده العلم الراسخ أو الإيمان البصير . .
ويضم السياق القرآني هؤلاء وهؤلاء إلى موكب المؤمنين ، الذين تعينهم صفاتهم :
( والمقيمين الصلاة ، والمؤتون الزكاة ، والمؤمنون بالله واليوم الآخر ) .
وهي صفات المسلمين التي تميزهم : إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، والإيمان بالله واليوم الآخر . . وجزاء الجميع ما يقرره الله لهم .
ونلاحظ أن ( المقيمين الصلاة ) تأخذ إعرابا غير سائر ما عطفت عليه . وقد يكون ذلك لإبراز قيمة إقامة الصلاة في هذا الموضع على معنى - وأخص المقيمين الصلاة - ولها نظائر في الأساليب العربية وفي القرآن الكريم ، لإبراز معنى خاص في السياق له مناسبة خاصة . وهي هكذا في سائر المصاحف وإن كانت قد وردت مرفوعة : والمقيمون الصلاة في مصحف عبدالله بن مسعود .
ثم قال تعالى : { لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ } أي : الثابتون في الدين لهم قدم راسخة في العلم النافع . وقد تقدم الكلام على ذلك في سورة آل عمران .
{ وَالْمُؤْمِنُونَ } عطف على الراسخين ، وخبره { يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزلَ مِنْ قَبْلِكَ }
قال ابن عباس : أنزلت في عبد الله بن سلام ، وثعلبة بن سعية . وأسد وزيد بن سعية وأسد بن عبيد ، الذين دخلوا في الإسلام ، وصدقوا بما أرسل الله به محمدًا صلى الله عليه وسلم .
وقوله : { وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ } هكذا هو في جميع المصاحف الأئمة ، وكذا هو في مصحف أُبَيّ بن كعب . وذكر ابن جرير أنها في مصحف ابن مسعود : " والمقيمون الصلاة " ، قال : والصحيح قراءة الجميع . ثم رَدّ على من زعم أن ذلك من غلط الكُتَّاب{[8717]} ثم ذكر اختلاف الناس فقال بعضهم : هو منصوب على المدح ، كما جاء في قوله : { وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا } [ البقرة : 177 ] ، قالوا : وهذا سائغ في كلام العرب ، كما قال الشاعر{[8718]} :
لا يَبْعَدَن قومي الذين همُو *** سُمّ{[8719]} العداة وآفة الجُزرِ
النازلين بكل مُعَْتركٍ *** والطَّيّبُونَ مَعَاقِدَ الأزْرِ
وقال آخرون : هو مخفوض عطفا على قوله : { بِمَا أُنزلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزلَ مِنْ قَبْلِكَ } يعني : وبالمقيمين الصلاة .
وكأنه يقول : وبإقامة الصلاة ، أي : يعترفون بوجوبها وكتابتها عليهم ، أو أن المراد بالمقيمين الصلاة الملائكة ، وهذا اختيار ابن جرير ، يعني : يؤمنون بما أنزل إليك ، وما أنزل من قبلك ، وبالملائكة . وفي هذا نظر والله أعلم .
وقوله : { وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ } يحتمل أن يكون المراد زكاة الأموال ، ويحتمل زكاة النفوس ، ويحتمل الأمرين ، والله أعلم .
{ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } أي : يصدقون بأنه لا إله إلا الله ، ويؤمنون بالبعث بعد الموت ، والجزاء على الأعمال خيرها وشرها .
وقوله : { أُولَئِكَ } هو الخبر عما تقدم { سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا } يعني : الجنة .
{ لَّكِنِ الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ أُوْلََئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً } . .
هذا من الله جلّ ثناؤه استثناء ، استثنى من أهل الكتاب من اليهود الذين وصف صفتهم في هذه الاَيات التي مضت من قوله : يَسْئَلُكَ أهْلُ الكِتابِ أنْ تُنَزّلَ عَلَيْهِمْ كِتابا مِنَ السّماءِ ثم قال جلّ ثناؤه لعباده ، مبينا لهم حكم من قد هداه لدينه منهم ووفقه لرشده : ما كُلّ أهل الكتاب صفتهم الصفة التي وصفت لكم ، لَكِنِ الرّاسِخُونَ فِي العِلْمِ مِنْهُمْ وهم الذين قد رسخوا في العلم بأحكام الله التي جاءت بها أنبياؤه ، وأتقنوا ذلك ، وعرفوا حقيقته . وقد بينا معنى الرسوخ في العلم بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . وَالمُؤْمِنُونَ يعني : والمؤمنون بالله ورسله ، وهم يؤمنون بالقرآن الذي أنزل الله إليك يا محمد ، وبالكتب التي أنزلها على من قبلك من الأنبياء والرسل ، ولا يسألونك كما سأل هؤلاء الجهلة منهم أن تنزل عليهم كتابا من السماء ، لأنهم قد علموا بما قرءوا من كتب الله وأتتهم به أنبياؤهم ، أنك لله رسول واجب عليهم اتباعك ، لا يسعهم غير ذلك ، فلا حاجة بهم إلى أن يسألوك آية معجزة ، ولا دلالة غير الذي قد علموا من أمرك بالعلم الراسخ في قلوبهم من أخبار أنبيائهم إياهم بذلك وبما أعطيتك من الأدلة على نبوّتك ، فهم لذلك من علمهم ورسوخهم فيه يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إلَيْكَ من الكتاب و ب بما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ من سائر الكتب . كما :
حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : لَكِنِ الرّاسِخُونَ فِي العِلْمِ مِنْهُمْ وَالمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أنْزِلَ إلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ استثنى الله ثَنِيّةً من أهل الكتاب ، وكان منهم من يؤمن بالله ، وما أنزل عليهم ، وما أنزل على نبيّ الله ، يؤمنون به ويصدّقون به ، ويعلمون أنه الحقّ من ربهم .
ثم اختلف في المقيمين الصلاة ، أهم الراسخون في العلم ، أم هم غيرهم ؟ فقال بعضهم : هم هم . ثم اختلف قائلو ذلك في سبب مخالفة إعرابهم إعراب الراسخون في العلم ، وهما من صفة نوع من الناس ، فقال بعضهم : ذلك غلط من الكاتب ، وإنما هو : لكن الراسخون في العلم منهم ، والمقيمون الصلاة . ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحجاج بن المنهال ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن الزبير ، قال : قلت لأبان بن عثمان بن عفان : ما شأنها كتبت لَكِنِ الرّاسِخُونَ فِي العِلْمِ مِنْهُمْ وَالمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنونَ بِمَا أُنْزِلَ إلَيكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ والمُقِيمِينَ الصّلاةَ ؟ قال : إن الكاتب لما كتب لَكِنِ الرّاسِخُونَ فِي العِلْمِ مِنْهُمْ حتى إذا بلغ قال : ما أكتب ؟ قيل له اكتب والمُقِيمِينَ الصّلاةَ فكتب ما قيل له .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، أنه سأل عائشة عن قوله : وَالمُقِيمِينَ الصّلاةَ ، وعن قوله : إنّ الّذِينَ آمَنُوا وَالّذِينَ هادُوا وَالصّابِئُونَ ، وعن قوله : إنّ هَذَانِ لَساحِرَانِ فقالت : يا ابن أختي هذا عمل الكتاب أخطئوا في الكتاب .
وذكر أن ذلك في قراءة ابن مسعود : «والمُقِيمُونَ الصّلاةَ » .
وقال آخرون ، وهو قول بعض نحويي الكوفة والبصرة : والمقيمون الصلاة من صفة الراسخون في العلم ، ولكن الكلام لما تطاول واعترض بين الراسخين في العلم والمقيمن الصلاة ما اعترض من الكلام فطال نصب المقيمين على وجه المدح ، قالوا : والعرب تفعل ذلك في صفة الشيء الواحد ونعته إذا تطاولت بمدح أو ذمّ خالفوا بين إعراب أوّله وأوسطه أحيانا ثم رجعوا بآخره إلى إعراب أوّله ، وربما أجروا إعراب آخره على إعراب أوسطه ، وربما أجروا ذلك على نوع واحد من الإعراب . واستشهدوا لقولهم ذلك بالاَيات التي ذكرناهاا في قوله : والمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إذَا عاهَدُوا وَالصّابِرِينَ فِي البَأْساءِ والضّرّاءِ .
وقال آخرون : بل المقيمون الصلاة من صفة غير الراسخين في العلم في هذا الموضع وإن كان الراسخون في العلم من المقيمين الصلاة . وقال قائلو هذه المقالة جميعا : موضع المقيمين في الإعراب خفض ، فقال بعضهم : موضعه خفض على العطف على «ما » التي في قوله : يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ ويؤمنون بالمقيمين الصلاة .
ثم اختلف متأوّلو ذلك في هذا التأويل في معنى الكلام ، فقال بعضهم : معنى ذلك : والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك ، وبإقام الصلاة . قالوا : ثم ارتفع قوله : «والمؤتون الزكاة » ، عطفا على ما في «يؤمنون » من ذكر المؤمنين ، كأنه قيل : والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك هم والمؤتون الزكاة .
وقال آخرون : بل المقيمون الصلاة : الملائكة . قالوا : وإقامتهم الصلاة : تسبيحهم ربهم واستغفارهم لمن في الأرض . قالوا : ومعنى الكلام : والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالملائكة .
وقال آخرون منهم : بل معنى ذلك : والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك ، ويؤمنون بالمقيمين الصلاة ، هم والمؤتون الزكاة ، كما قال جلّ ثناؤه : يُؤْمِنُ باللّهِ وَيُؤْمِنُ للِمُؤْمِنِينَ . وأنكر قائلو هذه المقالة أن يكون المقيمين منصوبا على المدح وقالوا : إنما تنصب العرب على المدح من نعت من ذكرته بعد تمام خبره قالوا : وخبر الراسخين في العلم قوله : أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أجْرا عَظِيما . قال : فغير جائز نصب المقيمين على المدح وهو في وسط الكلام ولما يتمّ خبر الابتداء .
وقال آخرون : معنى ذلك : لكن الراسخون في العلم منهم ، ومن المقيمين الصلاة . وقالوا : موضع المقيمين خفض .
وقال آخرون : معناه : والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وإلى المقيمين الصلاة .
وقال أبو جعفر : وهذا الوجه والذي قبله منكر عند العرب ، ولا تكاد العرب تعطف لظاهر على مكنيّ في حال الخفض وإن كان ذلك قد جاء في بعض أشعارها .
وأولى الأقوال عندي بالصواب ، أن يكون المقيمين في موضع خفض نسقا على «ما » التي في قوله : بِمَا أُنْزِلَ إلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وأن يوجه معنى المقيمين الصلاة إلى الملائكة ، فيكون تأويل الكلام : والمؤمنون منهم يؤمنون بما أنزل إليك يا محمد من الكتاب وبما أنزل من قبلك من كتبي وبالملائكة الذين يقيمون الصلاة ثم يرجع إلى صفة الراسخين في العلم فيقول : لكن الراسخون في العلم منهم ، والمؤمنون بالكتب ، والمؤتون الزكاة ، والمؤمنون بالله واليوم الاَخر . وإنما اخترنا هذا على غيره ، لأنه قد ذكر أن ذلك في قراءة أبيّ بن كعب : «والمقيمين » ، وكذلك هو في مصحفه فيما ذكروا ، فلو كان ذلك خطأ من الكاتب لكان الواجب أن يكون في كل المصاحف غير مصحفنا الذي كتبه لنا الكاتب الذي أخطأ في كتابه بخلاف ما هو في مصحفنا . وفي اتفاق مصحفنا ومصحف أبيّ في ذلك ، ما يدلّ على أن الذي في محصفنا من ذلك صواب غير خطأ ، مع أن ذلك لو كان خطأ من جهة الخط ، لم يكن الذين أخذ عنهم القرآن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمون من علموا ذلك من المسلمين على وجه اللحن ، ولأصلحوه بألسنتهم ، ولقنوه للأمة تعليما على وجه الصواب . وفي نقل المسلمين جميعا ذلك قراءة على ما هو به في الخطّ مرسوما أدلّ الدليل على صحة ذلك وصوابه ، وأن لا صنع في ذلك للكاتب .
وأما من وجه ذلك إلى النصب على وجه المدح للراسخين في العلم وإن كان ذلك قد يحتمل على بعد من كلام العرب لما قد ذكرنا قبل من العلة ، وهو أن العرب لا تعدل عن إعراب الاسم المنعوت بنعت في نعته إلا بعد تمام خبره ، وكلام الله جلّ ثناؤه أفصح الكلام ، فغير جائز توجيهه إلا إلى الذي هو به من الفصاحة .
وأما توجيه من وجه ذلك إلى العطف به على الهاء والميم في قوله : لَكِنِ الرّاسِخُونَ فِي العِلْمِ مِنْهُمْ أو إلى العطف به على الكاف من قوله : بِمَا أُنْزِلَ إلَيْكَ أو إلى الكاف من قوله : وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ فإنه أبعد من الفصاحة من نصبه على المدح لما قد ذكرت قبل من قبح ردّ الظاهر على المكني في الخفض .
وأما توجيه من وجه المقيمين إلى الإقامة ، فإنه دعوى لا برهان عليها من دلالة ظاهر التنزيل ولا خبر تثبت حجته ، وغير جائز نقل ظاهر التنزيل إلى باطن بغير برهان .
وأما قوله : وَالمُؤْتُونَ الزّكاةَ فإنه معطوف به على قوله : وَالمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ وهو من صفتهم . وتأويله : والذين يعطون زكاة أموالهم من جعلها الله له وصرفها إليه والُمؤْمِنُونَ باللّهِ وَاليَوْمِ الاَخِرِ يعني : والمصدّقون بوحدانية الله وألوهيته ، والبعث بعد الممات ، والثواب والعقاب أولئك سَنُؤْتِيهمْ أجْرا عَظِيما يقول : هؤلاء الذين هذه صفتهم سنؤتيهم ، يقول : سنعطيهم أجرا عظيما ، يعني : جزاء على ما كان منهم من طاعة الله ، واتباع أمره ، وثوابً عظيما ، وذلك الجنة .
ثم استثنى الله تعالى من بني إسرائيل «الراسخين » في علم التوراة الذين قد تحققوا أمر محمد عليه السلام وعلاماته ، وهم : عبد الله بن سلام ، ومخيريق{[4369]} ، ومن جرى مجراهما ، { والمؤمنون } : عطف على الراسخين ، و «ما أنزل » إلى محمد هو القرآن ، والذي أنزل من قبله : هو التوراة والإنجيل ، واختلف الناس في معنى قوله { والمقيمين } وكيف خالف إعرابها إعراب ما تقدم وتأخر ، فقال أبان بن عثمان بن عفان{[4370]} وعائشة رضي الله عنها : ذلك من خطأ كاتب المصحف ، وروي أنها في مصحف أبيّ بن كعب «والمقيمون » وكذلك روى غصمة عن الأعمش ، وكذلك قرأ سعيد بن جبير ، وكذا قرأ عمرو بن عبيد والجحدري وعيسى بن عمر ومالك بن دينار ، وكذلك روى يونس وهارون عن أبي عمرو ، وقال آخرون : ليس ذلك من خطأ الكاتب ولا خطأ في المصحف ، وإنما هذا من قطع النعوت إذا كثرت على النصب ب( أعني ) والرفع بعد ذلك ب ( هم ) وذهب إلى هذا المعنى بعض نحويي الكوفة والبصرة ، وحكي عن سيبويه : أنه قطع على المدح ، وخبر { لكن } { يؤمنون } لأن المدح لا يكون إلا بعد تمام الجملة الأولى ، وهذا كقول خرنق بنت هفان : [ الكامل ]
لاَ يَبْعَدَنْ قَومِي الّذِينَ هُمُ *** سُمُّ العُداةِ وَآفَةُ الجزْرِ
النَّازلينَ بِكُلِّ مُعْتَرَكِ *** والطَّيّبُونَ مَعَاقِدَ الأزرِ{[4371]}
قال القاضي أبو محمد : وقد فرق بين الآية والبيت بحرف العطف الذي في الآية ، فإنه يمنع عند بعضهم تقدير الفعل ، وفي هذا نظر{[4372]} .
وقال قوم : قوله تعالى { والمقيمين } ليس بعطف على قوله { والمؤمنون } ولكن على { ما } في قوله { وما أنزل من قبلك } والمعنى يؤمنون بالمقيمين الصلاة وهم الملائكة ، وقال بعضهم : بل من تقدم من الأنبياء ، قالوا : ثم رجع بقوله { والمؤتون } فعطف على قوله { والمؤمنون } وقال قوم { والمقيمين } عطف على { ما أنزل } ، والمراد بهم المؤمنون بمحمد ، أي يؤمن الراسخون بهم وبما هم عليه ، ويكون قوله { المؤتون } أي وهم المؤتون ، وقال قوم { والمقيمين } عطف على الضمير في منهم ، وقال آخرون : بل على الكاف في قوله { من قبلك } ويعني الأنبياء ، وقرأت فرقة «سنؤتيهم » بالنون ، و قرأت فرقة «سيؤتيهم » بالياء{[4373]} .
الاستدراك بقوله : { لكن الراسخون في العلم } الخ ناشيء على ما يوهمه الكلام السابق ابتداء من قوله : { يسألك أهل الكتاب } [ النساء : 153 ] من توغّلهم في الضلالة حتّى لا يرجى لأحد منهم خير وصلاح ، فاستدرك بأنّ الراسخين في العلم منهم ليسوا كما توهَّم ، فهم يؤمنون بالقرآن مثل عبد الله بن سلام ومخيريق .
والراسخ حقيقته الثابت القدم في المشي ، لا يتزلزل ؛ واستعير للتمكّن من الوصف مثل العلم بحيث لا تغرّه الشبه . وقد تقدّم عند قوله تعالى : { وما يعلم تأويله إلاّ الله والراسخون في العِلم } في سورة آل عمران ( 7 ) . والرّاسخ في العلم بعيد عن التكلّف وعن التعنّت ، فليس بينه وبين الحقّ حاجب ، فهم يعرفون دلائل صدق الأنبياء ولا يسألونهم خوارق العادات .
وعطفُ { المؤمنون } على { الراسخون } ثناء عليهم بأنّهم لم يسألوا نبيّهم أن يريهم الآيات الخوارقَ للعادة . فلذلك قال { يؤمنون } ، أي جميعهم بما أنزل إليك ، أي القرآن ، وكفاهم به آية ، وما أنزل من قبلك على الرسل ، ولا يعادون رسل الله تعصّباً وحميّة . والمراد بالمؤمنين في قوله : { والمؤمنون } الذين هداهم الله للإيمان من أهل الكتاب ، ولم يكونوا من الراسخين في العلم منهم ، مثل اليهودي الذي كان يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمنَ به .
وعطف { المقيمين } بالنصب ثبت في المصحف الإمام ، وقرآه المسلمون في الأقطار دون نكير ؛ فعلمْنا أنّه طريقة عربية في عطف الأسماء الدالّة على صفات محامدَ ، على أمثالها ، فيجوز في بعض المعطوفات النصب على التخصيص بالمدح ، والرفعُ على الاستئناف للاهتمام ، كما فعلوا ذلك في النعوت المتتابعة ، سواء كانت بدون عطف أم بعطف ، كقوله تعالى : { ولكنْ البِرّ من آمن إلى قوله والصابرين } [ البقرة : 177 ] . قال سيبويه في « كتابه » « بابُ ما ينتصب في التعظيم والمدح وإن شئت جَعلته صفة فجرَى على الأول ، وإن شئتَ قطعته فابتدأتَه » . وذَكر من قبيل ما نحن بصدده هذه الآية فقال : « فلو كان كلُّه رفعاً كان جيّداً » ، ومثْله { والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضّرّاء } [ البقرة : 177 ] ، ونظيره قول الخِرْنق :
لا يبْعَدَنْ قومي الذي هُمُو *** سُمّ العُداة وآفَة الجزر
النازلون بكلّ معتــرك *** والطيِّبيّين معاقِدَ الأزْر
في رواية يونس عن العرب : برفع ( النازلون ) ونصب ( الطيِّبيين ) ، لتكون نظير هذه الآية . والظاهر أنّ هذا ممّا يجري على قصد التفنّن عند تكرّر المتتابعات ، ولذلك تكرّر وقوعه في القرآن في معطوفات متتابعات كما في سورة البقرة وفي هذه الآية ، وفي قوله : { والصابون } في سورة المائدة ( 69 ) .
وروي عن عائشة وأبان بن عثمان أنّ نصب { المقيمين } خطأ ، من كاتب المصحف وقد عَدّتْ من الخطأ هذه الآية . وقوله : { ولكن البرّ من آمن بالله } إلى قوله { والصابرين في البأساء } [ البقرة : 177 ] وقولهِ : { إِنّ هذَان لساحرانِ } [ طه : 63 ] . وقوله : { والصابُون } في سورة المائدة ( 69 ) . وقرأتْها عائشة ، وعبد الله بن مسعود ، وأبَي بن كعب ، والحسن ، ومالك بن دينار ، والجحدري ، وسعيد بن جبير ، وعيسى بن عمر ، وعمرو بن عبيد : { والمقيمون } بالرفع . ولا تردّ قراءة الجمهور المجمع عليها بقراءة شاذّة .
ومن النّاس من زعم أنّ نصب { المقيمين } ونحوه هو مظهر تأويل قول عثمان لكتّاب المصاحف حين أتمّوها وقرأها أنّه قال لهم : « أحسنتم وأجملتم وأرى لحناً قليلاً ستُقيمه العرب بألْسنتها » . وهذه أوهام وأخبار لم تصحّ عن الّذين نُسبت إليهم . ومن البعيد جدّاً أن يخطىء كاتب المصحف في كلمة بين أخواتها فيفردها بالخطأ دون سابقتها أو تابعتها ، وأبعد منه أن يجيء الخطأ في طائفة متماثلة من الكلمات وهي التي إعرابها بالحروف النائبة عن حركات الإعراب من المثنّى والجمع على حدّهِ . ولا أحسب ما رواه عن عائشة وأبان بن عثمان في ذلك صحيحاً .
وقد علمتَ وجه عربيّته في المتعاطفات ، وأمّا وجه عربية { إنّ هذان لساحران } فيأتي عند الكلام في سورة طه ( 63 ) .
والظاهر أنّ تأويل قول عثمان هو ما وقع في رسم المصحف من نحو الألِفات المحذوفة . قال صاحب الكشاف } : « وهُم كانوا أبْعَدَ همّة في الغيرة على الإسلام وذبّ المطاعن عنه من أن يتركوا في كتاب الله ثلمة ليسدّها من بعدهم وخَرْقاً يَرْفوه مَنْ يَلْحَق بهم » . وقد تقدّم نظير هذا عند قوله تعالى : { والصابرين في البأساء والضرّاء } في سورة البقرة ( 177 ) .
والوعد بالأجر العظيم بالنسبة للراسخين من أهل الكتاب لأنَّهم آمنوا برسولهم وبمحمّد وقد ورد في الحديث الصّحيح : أنّ لهم أجرين ، وبالنسبة للمؤمنين من العرب لأنَّهم سبقوا غيرهم بالإيمان .
وقرأ الجمهور : { سنوتيهم } بنون العظمة وقرأه حمزة وخلف بياء الغيبة والضمير عائد إلى اسم الجلالة في قوله : { والمؤمنون بالله } .