الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{لَّـٰكِنِ ٱلرَّـٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ مِنۡهُمۡ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ يُؤۡمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَۚ وَٱلۡمُقِيمِينَ ٱلصَّلَوٰةَۚ وَٱلۡمُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ أُوْلَـٰٓئِكَ سَنُؤۡتِيهِمۡ أَجۡرًا عَظِيمًا} (162)

ثمّ استثنى مؤمني أهل الكتاب فقال : { لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ } يعني ليس أهل الكتاب كلّهم كما ذكرنا لكن الراسخون التائبون المناجون ، في العلم { وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ } .

واختلفوا في وجه انتصابه :

فقالت عائشة وأبان بن عثمان : هو غلط من الكاتب ، ونظيره قوله :

{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى } [ المائدة : 69 ] وقوله تعالى :

{ إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ } [ طه : 63 ] وقال بعض النحويين : هو نصب على المدح والعرب تفعل ذلك في صفة الشيء الواحد إذا تطاولت بمدح أو ذم خالفوا من اعراب أوله وأوسطه ، نظيره قوله

{ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَآءِ } [ البقرة : 177 ] وقيل : نصب على فعل ، تقديره : اعني المقيمين ، على معنى : أذكر النازلين وهم الطيبون .

وقال قوم : موضعه خفض ، واختلفوا في وصفه ، قال بعضهم : معناه : لكن الراسخون في العلم منهم ومن المقيمين الصلاة ، وقيل معناه : يؤمنون بما أُنزل إليك وإلى المقيمين الصلاة ، وقال بعضهم : يؤمنون بما أُنزل إليك من الكتاب والمقيمين الصلاة .

ثم اختلفوا فيهم من هم ؟ فقيل : هم الملائكة ، وقيل : هم الأنبياء ، وقيل : هم المؤمنون ، وقيل : مؤمنوا أهل الكتاب وهم الراسخون .