الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَمَا تَكُونُ فِي شَأۡنٖ وَمَا تَتۡلُواْ مِنۡهُ مِن قُرۡءَانٖ وَلَا تَعۡمَلُونَ مِنۡ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيۡكُمۡ شُهُودًا إِذۡ تُفِيضُونَ فِيهِۚ وَمَا يَعۡزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثۡقَالِ ذَرَّةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِي ٱلسَّمَآءِ وَلَآ أَصۡغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكۡبَرَ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مُّبِينٍ} (61)

وقوله سبحانه : { وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ } [ يونس : 61 ] .

مَقْصِدُ هذه الآية وصْفُ إِحاطة اللَّه عزَّ وجلَّ بكلِّ شيء ، لا ربَّ غيره ، ومعنى اللفْظِ : وما تكُونُ يا محمَّد ، والمرادُ هو وَغَيْرُهُ في شأن من جميع الشؤون ، { وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ } الضمير عائدٌ على شَأْن أي : فيه وبسببه «مِن قُرْآنٍ » ، ويحتمل أنْ يعود الضميرُ على جميع القرآن .

وقال ( ص ) : ضمير «منه » عائدٌ على «شأن » و { مِن قُرْآنٍ } : تفسيرٌ للضمير . انتهى . وهو حَسن ، ثم عمَّ سبحانه بقوله : { وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ } ، وفي قوله سبحانه : { إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا } تحذيرٌ وتنبيهٌ .

( ت ) وهذه الآية عظيمةُ المَوْقِعِ لأَهْل المراقبة تثيرُ من قلوبهم أسراراً ، ويغترفون من بَحْر فيضها أنواراً ، و{ تُفِيضُونَ } معناه : تأخذون وتَنْهَضُون بِجِدٍّ ، { وَمَا يَعْزُبُ } : معناه : وما يَغِيبُ { عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ } والكتابُ المُبينُ هو اللوحُ المحفوظُ ، ويحتملُ ما كتبته الحَفَظَةُ