الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَمَا تَكُونُ فِي شَأۡنٖ وَمَا تَتۡلُواْ مِنۡهُ مِن قُرۡءَانٖ وَلَا تَعۡمَلُونَ مِنۡ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيۡكُمۡ شُهُودًا إِذۡ تُفِيضُونَ فِيهِۚ وَمَا يَعۡزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثۡقَالِ ذَرَّةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِي ٱلسَّمَآءِ وَلَآ أَصۡغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكۡبَرَ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مُّبِينٍ} (61)

قوله : { وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن }- الآية [ 61 ] .

قوله : { تتلوا منه } : ( التاء ) تعود على الشأن . والمعنى ( وما تتلو من الشأن . أي : من أجل الشأن ، أي : يحدث شأن ، فيتلى القرآن من أجله ليعلم كيف حكمه ){[31224]} .

وقال الطبري : { وما تتلوا منه } : أي : من كتاب الله عز وجل{[31225]} .

{ ولا تعملون من عمل } : أي : عملا . ( ومن ) زائدة للتأكيد{[31226]} .

{ إلا كنا عليكم شهودا }[ 61 ] : أي : ( إلا ونحن شهود لأعمالكم ){[31227]} إذا عملتموها{[31228]} . ومعنى : { إذ تفيضون فيه } : أي : إذ تفعلون{[31229]} .

وقال الضحاك : المعنى : إذ ( تشيعون ){[31230]} في القرآن من الكذب{[31231]} وقيل : المعنى : ( إذ تنتشرون{[31232]} فيه ){[31233]} .

وقيل : إذ ( تأخذون فيه ){[31234]} أعلم الله عز وجل{[31235]} المؤمنين أنهم لا يعملون عملا إلا كان شاهده وقت عملهم له .

ثم قال : { وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة }[ 61 ] : أي : وما يغيب عن ربك مثقال ذرة{[31236]} .

{ ولا أكبر ولا أصغر }[ 61 ] . عن{[31237]} نصب{[31238]} عطفه على لفظ ( مثقال ) ، وعلى لفظ ( ذرة ) . وهو لا ينصرف ، وموضعه خفض . ومن رفع{[31239]} ، رفعه على موضع مثقال{[31240]} ، لأن ( من ) زائدة للتوكيد .

والمعنى : ليس يغيب عن ربك يا محمد من أعمال العباد زنة ذرة ، وهي النملة الصغيرة ، ولا يغيب { أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين }[ 61 ]{[31241]} : أي : هو محصى في كتاب مبين : فكل عنده في اللوح المحفوظ{[31242]} ، من باطن وظاهر ، والحفظة يكتبون ما ظهر لهم من الأعمال التي تقدمت في اللوح المحفوظ ، وما خفي عنهم من أعمال بني آدم ، وأسرارهم لا يكتبونه ولا يعلمونه . وعلمه كله عند الله عز وجل{[31243]} مثبت في اللوح المحفوظ ، لا يعزب عنه منه شيء .


[31224]:وهو قول النحاس في: إعرابه 2/259، وانظر: إعراب مكي 1/385.
[31225]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/114.
[31226]:انظر هذا التوجيه في: إعراب النحاس 2/260.
[31227]:انظر هذا التفسير في: جامع البيان 15/114.
[31228]:ق: تعلمونه. ط: تعلمونها، ولعل الصواب ما أثبت.
[31229]:وهو قول ابن عباس في: جامع البيان 15/114.
[31230]:ق: تشتعون.
[31231]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/115.
[31232]:ط: تنشرون.
[31233]:انظر هذا المعنى في: معاني الزجاج 3/26.
[31234]:انظر هذا القول في: غريب القرآن 197.
[31235]:ساقط من ق.
[31236]:انظر هذا التوجيه في: مجاز القرآن 1/278، وغريب القرآن 197.
[31237]:ق: ومن.
[31238]:هي قراءة جمهور القراء سوى حمزة من السبعة، وخلف من العشرة. انظر: جامع البيان 15/117، والسبعة 328، والمبسوط 234، والحجة 334، والكشف 1/221، وإعراب مكي 1/385، والتيسير 123، والنشر 2/285.
[31239]:هي قراءة حمزة، وخلف ويعقوب، انظر: مصادر الهامش السابق.
[31240]:انظر هذا الإعراب في: معاني الفراء 1/470
[31241]:انظر هذا التوجيه في: معاني الزجاج 3/26.
[31242]:انظر هذا التفسير في: الجامع 8/238.
[31243]:ساقط من ق.