الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعٗا فَقَالَ ٱلضُّعَفَـٰٓؤُاْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُوٓاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمۡ تَبَعٗا فَهَلۡ أَنتُم مُّغۡنُونَ عَنَّا مِنۡ عَذَابِ ٱللَّهِ مِن شَيۡءٖۚ قَالُواْ لَوۡ هَدَىٰنَا ٱللَّهُ لَهَدَيۡنَٰكُمۡۖ سَوَآءٌ عَلَيۡنَآ أَجَزِعۡنَآ أَمۡ صَبَرۡنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٖ} (21)

{ وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا } [ إبراهيم : 21 ] .

معناه : صاروا في البِرَازِ ، وهي الأرضُ المتَّسِعَة ، { فَقَالَ الضعفاء } ، وهم الأتْبَاعُ { لِلَّذِينَ استكبروا } ، وهم القادة وأهْلُ الرأْي ، وقولهم : { سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ } «المحيصُ » : المفرُّ وَالمَلْجَأَ مأخوذٌ منِ حَاصَ يَحيصُ ؛ إِذا نفر وفر ؛ ومنه في حديث هِرَقْلَ : ( فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ إِلى الأَبْوَابِ ) .

وروي عن ابن زيدٍ ، وعن محمد بن كَعْب ؛ أن أهْلَ النار يقولُونَ : إِنما نال أَهْلُ الجَنَّةِ الرحْمَةَ بالصبر على طاعة اللَّه ، فتعالَوْا فَلْنَصْبِرْ ، فَيَصْبِرُونَ خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ ، فلا ينتفعونَ ، فيقولُون : هلمَّ فَلْنَجْزَعْ ، فَيَضِجُّونَ ويَصِيحُونَ ويَبْكُونَ خَمْسَمِائَةِ سنة أُخرَى ، فحينئذٍ يقولُونَ هذه المقَالَةَ { سَوَاءٌ عَلَيْنَا } وظاهر الآية أنهم إِنما يقولونها في مَوْقِفِ العرْض وقْتَ البروز بين يَدَي اللَّه عزَّ وجلَّ .