بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعٗا فَقَالَ ٱلضُّعَفَـٰٓؤُاْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُوٓاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمۡ تَبَعٗا فَهَلۡ أَنتُم مُّغۡنُونَ عَنَّا مِنۡ عَذَابِ ٱللَّهِ مِن شَيۡءٖۚ قَالُواْ لَوۡ هَدَىٰنَا ٱللَّهُ لَهَدَيۡنَٰكُمۡۖ سَوَآءٌ عَلَيۡنَآ أَجَزِعۡنَآ أَمۡ صَبَرۡنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٖ} (21)

قوله تعالى : { وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعًا } يقول : وخرجوا من قبورهم لأمر الله تعالى . يعني : القادة ، والأتباع اجتمعوا للحشر والحساب ، وهذا كقوله : { وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الجبال وَتَرَى الارض بَارِزَةً وحشرناهم فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً } [ الكهف : 47 ] { فَقَالَ الضعفاء } يعني : الأتباع والسفلة { لِلَّذِينَ استكبروا } وهم القادة { إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا } في الدنيا نطيعكم فيما أمرتمونا به { فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ عَنَّا } يقول : حاملون عنا { مِنْ عَذَابِ الله مِن شَىْء قَالُواْ } يعني : القادة للسفلة { لَوْ هَدَانَا الله لَهَدَيْنَاكُمْ } يعني : لو أكرمنا الله بالهدي ، والتوحيد لهديناكم لدينه . ويقال : معناه لو أدخلنا الله الجنة ، لشفعنا لكم .

ثم قالت القادة للسفلة { سَوَاء عَلَيْنَا } العذاب { أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ } يعني : من مفر ولا ملجأ من العذاب . وروى أسباط عن السدي أنه قال : يقول أهل النار : تعالوا فلنصبر ، لعلّ الله يرحمنا بصبرنا ، فيصبرون ، فلا يرحمون . فيقولون : تعالوا فلنجزع ، لعل الله يرحمنا بجزعنا فيجزعون ، فلا يغني عنهم شيئاً ، فيقولون : { سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ } .