الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعٗا فَقَالَ ٱلضُّعَفَـٰٓؤُاْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُوٓاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمۡ تَبَعٗا فَهَلۡ أَنتُم مُّغۡنُونَ عَنَّا مِنۡ عَذَابِ ٱللَّهِ مِن شَيۡءٖۚ قَالُواْ لَوۡ هَدَىٰنَا ٱللَّهُ لَهَدَيۡنَٰكُمۡۖ سَوَآءٌ عَلَيۡنَآ أَجَزِعۡنَآ أَمۡ صَبَرۡنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٖ} (21)

قوله : { وبرزوا لله جميعا } – إلى قوله – { لهم عذاب أليم }[ 21-22 ] . المعنى : وبرزوا من قبورهم ، ( أي ){[37022]} ظهر هؤلاء الذين كفروا من قبورهم فصاروا{[37023]} بالبراز من الأرض جميعا{[37024]} .

{ فقال الضعفاء للذين استكبروا }[ 21 ] : أي قال التباع للمتبوعين المستكبرين في الدنيا في عبادة الله عز وجل{[37025]} .

{ إنا كنا لكم تبعا }[ 21 ] ، في الدنيا ، أي : نتبع أمركم لنا بمعصية الله عز وجل{[37026]} وترك اتباع الرسل{[37027]} .

{ فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء }[ 21 ] : أي : دافعون عنا ( من العذاب ){[37028]} شيئا{[37029]} . قال المتبوعون ، وهم القادة للضعفاء ، وهم التابعون{[37030]} : { لو هدانا الله لهديناكم }[ 21 ] : أي : لو أن لنا شيئا ندفع به عذابه عنا اليوم ، لبيناه حتى تدفعوا{[37031]} به العذاب عن أنفسكم{[37032]} .

{ سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص }[ 21 ] : أي : سواء علينا الجزع{[37033]} والصبر ، ما لنا من خلاص ، ومن ملجأ ، ومن مهرب ، ومن مَعْدِل{[37034]} ، و( سواء ) مبتدأ ، وما بعده خبره{[37035]} .

قال محمد بن كعب القرظي : بلغني أن أهل النار ، يقول بعضهم لبعض : يا هؤلاء ! إنه قد نزل بكم من العذاب والبلاء ما ترون{[37036]} فهلم فلنصبر ، فلعل الله ينفعنا كما صير أهل الدنيا على طاعة الله ( عز وجل ){[37037]} ، فنفعهم الصبر . فأجمعوا رأيهم على الصبر ، فصبروا ، فطال{[37038]} صبرهم ، ثم جزعوا{[37039]} فنادوا : { سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص }/ : ( أي ){[37040]} من ملجأ{[37041]} .

وقال{[37042]} ابن زيد : إن أهل النار قال بعضهم لبعض : تعالوا فإنما أدرك أهل الجنة الجنة ببكائهم ، وتضرعهم لله تعالى . ( تعالوا ){[37043]} نبكي{[37044]} ، ونتضرع إلى الله ، جل ذكره . فبكوا وتضرعوا ، فلما رأوا ذلك لا ينفعهم ، قالوا : تعالوا فإنما أدرك أهل الجنة الجنة بالصبر ، تعالوا نصبر{[37045]} فصبروا صبرا لم ير مثله ، فلم ينفعهم ذلك ، فعند ذلك قالوا : { سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص }[ 21 ]{[37046]} .

وروى مالك{[37047]} ( رضي الله عنه ){[37048]} ، عن زيد بن أسلم أنه{[37049]} قال : صبروا ( مائة ){[37050]} عام ، ثم بكوا مائة عام . فقالوا : { سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص }{[37051]} .

وروى ابن كعب بن مالك{[37052]} ، عن أبيه ، ورفعه{[37053]} إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يقول أهل النار إذا اشتد بهم العذاب : تعالوا نصبر ، فيصبرون خمسمائة عام ، فلما رأوا أن ذلك لا ينفعهم ، قالوا : هلم فلنجزع ، فيجزعون ويضجون خمسمائة عام{[37054]} ، فلما رأوا أن{[37055]} ذلك لا ينفعهم قالوا : { سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص }[ 21 ]{[37056]} .


[37022]:ساقط من ق.
[37023]:ق: بماراوا.
[37024]:انظر هذا المعنى في: جامع البيان 16/557 وإعراب النحاس 2/368 والجامع 9/233.
[37025]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 16/557.
[37026]:ساقط من ق.
[37027]:ق: التباع للرسل، وانظر: المصدر السابق 16/557-558.
[37028]:ما بين القوسين ساقط من ق.
[37029]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 16/557، والجامع 9/333.
[37030]:وهو قول ابن جريج في: جامع البيان 16/558.
[37031]:ق: تدفعوا.
[37032]:انظر هذا التوجيه في: المصدر السابق.
[37033]:ق: الجرع.
[37034]:انظر هذا التوجيه في: غريب القرآن 233، وفي مختار الصحاح 512، والمعدل والمعدول: المصرف.
[37035]:انظر هذا الإعراب في: معاني الزجاج 3/158.
[37036]:ق: تدرون.
[37037]:ساقط من ق.
[37038]:ط: ثم طال.
[37039]:ط: فجزعوا.
[37040]:ساقط من ق.
[37041]:انظر: هذا الخبر: في جامع البيان 16/559، والجامع 9/233.
[37042]:ق: قال.
[37043]:ساقط من ق.
[37044]:ط: نبك.
[37045]:ق: ان نصبر.
[37046]:ق: محنص وانظر: هذا الخبر في: جامع البيان 16/559-560، وتفسير ابن كثير 2/818.
[37047]:ط: بن أنس.
[37048]:ساقط من ط.
[37049]:ط: مطموس.
[37050]:ساقط من ق.
[37051]:انظر: البيان والتحصيل 18/202.
[37052]:هو أبو الخطاب، عبد الملك بن ككعب بن مالك المدني، عالم، ثقة (ت في خلافة عبد الملك انظر: تقريب التهذيب 1/488.
[37053]:ط: يرفعه.
[37054]:ق: عالم.
[37055]:ساقط من ق.
[37056]:انظر: هذا الخبر مرفوعا في: الجامع 9/233.